حمى الادارة
من الطبيعي أن يطمح الانسان لأن يكون شيئا ذا أهمية في المجتمع الذي يعيش فيه، سواء كان ذلك على صعيد العمل او على صعيد الاسرة. وتختلف آلية تكوين الهوية الناجحة والتي من خلالها يشعر الفرد بالرضا عن نفسه. فهناك من يقبل بأن يكون شخصاً مطيع منفذا للأوامر ويكفيه الثناء والتقدير، وهناك شخص آخر لا يقبل إلا بأن يرى نفس في قمة الهرم يصيغ الاوامر وينتظر من ينفذها. ولا خلاف في ذلك طبعا فنحن في بعض الظروفنكون بحاجة إلى تواجد النمطين السابقين كي نحقق أهدافنا. ولكننا في الوقت نفسه كأسرة أو قسم في العمل لا نتمنى بأن يصاب أحد من المدراء بحمى الادارة تدعو المدير الرجل إلى أن يفرض عضلاته على الموظفات وتدعو المديرة بأن تفقد أنوثتها.
يشير مفهوم الادارة إلى الاستخدام الفعال للموارد البشرية والمادية والمالية والمعلومات والافكار في التخطيط والتوجيه والرقابة في تحقيق الاهداف. وأصل كلمة الادارة باللغة اللاتينية Administration بمعنى ToService أي «لكي نخدم»، ولكن ليس كل من يتبوأ مقعد المدير يكون قدعرف واستوعب مفهوم الإدارة. وهنا تقع المشكلة فيتحول المدير الذي من المفترض بأن يقدم خدمة لزملائه وللمجتمع من حوله إلى مصاص دماء، ويجدنفسه بعد فترة قد دخل في دهاليز لا مخرج لها. فعلاوة إلى إخفاق القسم في تحقيق الاهداف يضيف إلى نفسه مشاكل أخرى والتي قد تصل بعض الاحيان للاختلاس والقضايا الاخلاقية. وفي تقرير صادر من شركة Robert Half International يصنف فيه المدراء السيئينو يذكر بأن المشكلة ليس في المدير نفسه وإنما في عملية انتخاب المديرنفسه من قبل الادارة. فهناك نمط من الناس يحمل في شخصيته صفة حب السلطة، ويتم اختياره لأن يشغل منصب مدير بالرغم من أنه لا يملك المقومات الادارية، غير أن سنين الخدمة والمؤهلات الدراسية في بعض الاحيان تخدعالادارة. وبالتالي يجدها فرصة لأن يشبع ذاته. فيتقمص دور المدير ويتخبط بين إعطاء الاولوية لأن ينفذ واجباته الادارية، وبين ممارسة السلوك السلطوي الهدام.
على الجهات المسؤولة في ترشيح الاداريين، خصوصا في المؤسسات الحكومية والتي تقدم خدمة مباشرة إلى المواطنين، مراعاة اختيار المدراء. فذلك يؤثر بطبيعة الحال على المرؤوسين وبالتالي ينعكس مستوى الخدمة على المراجعين التي تمثل الهدف لكل الادارات.