آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

دول الخليج العربي وآفاق العلاقة مع أميركا

محمد المحفوظ * صحيفة الرياض

من الطبيعي القول: إن علاقة دول الخليج العربي مع الولايات المتحدة الأميركية، اتسمت خلال العقود الطويلة الماضية بمستوى متقدم من الانسجام والتعاون الذي يصل إلى مستوى التحالف الإستراتيجي الذي يتداخل فيه السياسي مع الاقتصادي والأمني.. وبفعل هذا التداخل والعلاقة ذات الطابع الإستراتيجي لم تشهد هذه العلاقة أي خلل أو تعثر.. ومن المؤكد أن وصول الرئيس دونالد ترامب إلى سدة الحكم في البيت الأبيض، سيعطي لهذه العلاقة التاريخية مستوى متقدما من المزيد من التنسيق والتعاون.

وبعيداً عن كل المخاوف والهواجس التي تطرحها مؤسسات الإعلام للعلاقة الخليجية - الأميركية، أعتقد أن هذه العلاقة ستستمر تنسيقاً وتعاوناً.

وإن المقولات والأفكار السياسية والاقتصادية والإستراتيجية التي طرحها الرئيس ترامب لن تجد بعضها، وبالذات الأفكار والتصورات التي تتناقض مع رؤية دول الخليج العربي، أي جهد تطبيقي.

ومن الضروري أن تدرك دول الخليج العربي أن الرئيس ترامب جاء من خلفية رجل أعمال ناجح اقتصادياً.

وأحسب أن هذه الأصول الاقتصادية والمالية، ستكون عاملاً مرجحاً للتعاون بين الإدارة الأميركية ودول الخليج العربي.. ولن تشهد هذه العلاقة كما يبدو أي تعثر بما يضر بمصالح دول الخليج العربي.

فرجل الأعمال أكثر قدرة على بناء علاقة مصالح متبادلة بين الولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج العربي.. وثمة قناعة راسخة أن هذه العلاقة ستستمر على قاعدة رعاية المصالح المتبادلة بين الطرفين.

وأحسب أن العلاقة مع أميركا القائمة على رعاية مصالح البلدين هي الصورة الإيجابية والتاريخية للعلاقة بين أميركا ودول الخليج العربي.

وإن مصادر القلق الخليجي القادمة، لن تكون من الإدارة الأميركية وسياساتها في المنطقة، وإنما من أوضاع سياسية واقتصادية وأمنية بعيدة كل البعد عن الواقع الأميركي.. ووجود خيارات أميركية معلنة على هذا الصعيد لن تضر عملياً بواقع السياسات العملية والاقتصادية لدول الخليج العربي.

وخليجياً قد نكتشف أن الرئيس دونالد ترامب لن يكون في موقع المبادر دائماً لبناء الإستراتيجيات الجديدة لمصالح الولايات المتحدة الأميركية.. وسيعاني الرئيس ترامب في الفترة القادمة من الكثير من القيود التي تمنع انطلاقته الإدارية والرئاسية.

وإن هذه القيود ستحول الرئيس الأميركي الجديد بوصفه كثير الكلام السياسي وقليل الفعالية والدينامية، مما يضعف بعض الشيء الدور الأميركي في العالم.. وستحتاج دول الخليج العربي إلى المزيد من التنسيق والتعاون لحماية مصالحها الحيوية ومواجهة الصعوبات والمشكلات.

ودول الخليج العربي حينما تحسن التنسيق والتعاون مع بعضها فإنها بطبيعة الحال ستتحول إلى كيان اقتصادي وسياسي أكثر قدرة على حماية مصالحها والدفاع عن مجالها الحيوي، ولا تحتاج على هذا الصعيد إلا خيارات سياسية واقعية ومدروسة لتعظيم مكاسبها ومصالحها.

لهذا نستبعد سوء العلاقات السيئة مع الولايات المتحدة الأميركية وسيكون نسج علاقات إستراتيجية مع الرئيس دونالد ترامب وفريقه الرئاسي سهلاً على دول الخليج العربي.. وإن العلاقة الخليجية - الأميركية لن تشهد صعوبات كبرى على صعيد التنسيق والتعاون.. وإن الرهان الحقيقي لدول الخليج العربي هو المزيد من القدرة على التعاون والتعاضد لبناء الخليج بوصفه كياناً سياسياً واقتصادياً مشتركاً وواحداً لكل دول المنطقة.. ودول الخليج العربي حينما تتعاون مع بعضها وتزيد من أواصر التنسيق لن تحتاج إلى جهود كبيرة للحفاظ على مصالحها الإستراتيجية. وهذا بطبيعة الحال سيفتح المجال واسعاً لسد ثغرات الداخل وإعطاء أولوية كبرى لملفات الداخل الخليجي.

ولا نحسب وفق المعطيات الأميركية المتوفرة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سيكون قادراً على إبراز القوة الأميركية.. وإنما على العكس من ذلك، بمعنى أن الرئيس ترامب سيكون وفق هذه المعطيات من أضعف الرؤساء الأميركيين.. وهذا لا يعود إلى الصفات الشخصية، وإنما يعود إلى طبيعة القيود التي تتحكم بالرئيس الأميركي الجديد.

وإن دول الخليج العربي معنية ببناء علاقات إستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية دون الرهان عليها في الملفات الحيوية للخليج.

وهذا يعني أن العلاقة الإستراتيجية مع أميركا، لا تعني ترك أو عدم الاهتمام بالعناصر الذاتية للقوة الخليجية الذاتية.. وإنما المطلوب تنمية مستوى الاهتمام والرعاية بعناصر القوة الذاتية.. حتى تتمكن دول الخليج العربي من مراكمة عناصر القوة الذاتية.

وهذه العناصر هي التي تمنع أن تحول العلاقة مع أي طرف في العالم إلى مانع حقيقي أمام إبراز وتظهير عناصر القوة الذاتية.

وإن المطلوب دائماً: بناء القوة الذاتية على كل المستويات، دون الرهان على عناصر القوة المتغيرة والتي تنتمي إلى مجالات ليست من صميم القوة الخليجية الذاتية.

كاتب وباحث سعودي «سيهات».