آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 7:35 م

البيئة السامة‎

ياسين آل خليل

البيئة السامة بكل بساطة هي تلك البيئة التي تتميز بالسلبية ويعشش بداخلها التقاتل والنزاعات على المستوى الشخصي وتتنوع فيها المعارك لتصيب من الضحايا من ليس لهم من الأمر شيئ. أما النتيجة الحتمية فهي دون شك كارثية بكل المقاييس وقدرتها التدميرية على نمو الإنسان وتطوره كبيرة بما تحمله من عوارض فتاكة، ناهيك عن ممارسة حياته بشكل طبيعي وصحي.

قد لا يعرف البعض من الناس الأثر السلبي الذي يُخلفونه على الأشخاص المحيطين بهم. ولا غرابة أن منهم من يستمدون رضاهم عن أنفسهم من خلال استفزاز الآخرين وخلق نزاعات لا لزوم لها.

قُدرتك على إدارة عواطفك وإبقائها في حالة من الهدوء في أوقات الضغوط النفسية، لأمرٌ له صلة وثيقة ومباشرة بأدائك واستعدادك الدائم لمواجهة ”الأفراد السامة“ والتي تتواجد في محيط بيئتك الحياتية.

إن وجود الحسد أمرٌ لا يختلف عليه اثنان والحُسّاد لا ينظرون لما لديهم من نعم بل يستمدون رضاهم الداخلي من نظرتهم القاصرة بأن العُشب هو دائمًا أشدُ اخضرارًا في المكان الآخر. ولنكن واقعيين، هناك دائمًا شخصٌ ما يفوقنا في شيئ، لكن هذه الحقيقة لا تدعو الإنسان أن يتمنى زوال تلك النعمة من صاحبها.

إن تواجدنا في بيئة سامة تسودها السلبية والتشاؤم، يُمكِّن هؤلاء الأفراد من امتصاص الحياة من أرواحنا وضخ الخوف والقلق مكانها مما يَحُول بيننا ودون أن نتمكن من زرع أي فكرة إيجابية أو حتى الإشارة إليها بالبنان. هذا بدوره كفيل بأن يُكرّس جوًّا من الإكتئاب النفسي ليصيب كل من يستسلم لذلك الوضع بسهامه السامة. كما أنه لا يخفى على أحد بأن البعض يُبَيّتُون نوايا سيئة يسعون من وراء تنفيذها الحصول على شيئ من الراحة الوهمية وذلك عند رؤيتهم لضحاياهم وهم يعيشون البؤس والألم والمعاناة.

الغطرسة التي يتصف بها البعض والتي تُخْفِي انعدام الأمن الداخلي لديهم، ما هي إلا مضيعةٌ للوقت وتبديدٌ للطاقات وانحدارٌ للأداء العام. هؤلاء الناس يعيشون أزمة داخلية يتصورون فيها أن كل ما يفعله خصومهم، هو تحديًا شخصيًا لهم يضُجُ مضاجعهم ويسلبهم راحتهم وسلامهم الداخلي.

هؤلاء الناس وبتصرفاتهم المسمومة وسلوكهم الغير عقلاني، قد يدفعونك إلى الجنون لا سمح الله إذا ما سَمَحْتَ لهم بتنفيذ ايجندتهم المشبوهة. لا تخطئ أبدًا بأن تجعل سلوكهم هذا دافعًا للرد عليهم عاطفيًا، مما قد يُهيئ الأرضية والمناخ بأن تمتزج بخليط أفكارهم الموبوئة وهذا ما يسعون لتحقيقه. قلل من الوقت الذي تقضيه مع هؤلاء الأفراد، لأنهم بطباعهم تلك يعملون على تتفيه إنجازاتك وتصغيرها في عينك وأعين الآخرين. كلما كان الشخص الذي تتعامل معه بعيدًا عن العقلانية، كلما أتيحت لك الفرصة أكثر بأن تتفادى الفخاخ التي ينصبها لك. توقف عن محاولة التغلب على هذه النوعية من البشر في لُعبة هُم يحترفون اللعب في مضمارها. إحتفظ بمسافة معقولة بينك وبين هؤلاء الناس حتى لا تعطيهم الفرصة للّعب بأعصابك وأن تفعل ذلك بوعي وإدراك وكأن الأمور تحدث بشكل طبيعي.

لا تعتقد ولو لوهلة بأن إبعاد هؤلاء الناس، ذات الطابع المسموم، عن محيط راحتك فعلٌ من القساوة في حقهم، بقدر ما هو إجراءٌ مشروع للحفاظ على كرامتك والعناية بذاتك والتي لها حق عليك بأن ترعاها وتُحسن إليها. واعلم بأن هؤلاء الناس إن أرادوا لأنفسهم مكانةً في محيط حياتك، فسيفعلون المستحيل للإبتعاد عن كل ما يُمكن أن يتسبب لك في ألم أو ضيق. هناك فرق شاسع بين أن تستسلم إلى ترهات الغير وتجاوزاتهم وأن تَعْلم بأنك قد عانيت ما فيه الكفاية وأنه قد حان الوقت لتتخذ الإجراء المناسب.