آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

أين تكمن أزمة الإسلام اليوم؟

محمد الحرز * صحيفة اليوم

لا يخفى على أحد أنه سؤال أشبع بحثا وتحليلا منذ عصر النهضة الأولى والثانية، أي منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين، وسلكت الإجابات عنه مسالك وطرقا متعددة، بعضها تمسك بفكرة الإصلاح الدستوري والمؤسسات النيابية، وبعضها الآخر آمن بتطبيق ما جاء به التنوير الأوروبي بكل مفاهيمه وقيمه في السياسة والاجتماع والأخلاق، وهناك فريق ثالث تركزت إجابته على الإصلاح التربوي والتعليمي وكذلك إصلاح المؤسسات الدينية وتطويرها، وثمة فريق رابع تمسك بفكرة العودة إلى الأصول بوصفها العودة إلى المنابع الأولى للرسالة النبوية.

كل هذه الدعاوى والمشاريع والأفكار ارتبطت بمفكرين ومناضلين ورجال كبار أثروا على الحياة الفكرية الأدبية والثقافية العربية بوجه عام بحيث لو عاشوا في مجتمعات أخرى لرأيت تلك المجتمعات في مصاف الدول العظيمة والكبرى، ولا أريد أن أثقل المقالة بتعداد وذكر بعض الأسماء، تهمني الفكرة هنا فقط. لذلك للأسف الواقع العربي الحالي في شتى مجالاته الحياتية يقول غير ذلك، وهذه هي المفارقة الكبرى التي يتأسس عليها الواقع العربي. فالعلاقة بين كل تلك المشاريع النهضوية والتنويرية والواقع العربي علاقة عكسية، فكلما امتلأت الحياة الثقافية الاجتماعية بها رأينا التشرذم والارتكاس والتحارب والاقتتال يعم ويطغى في عالمنا العربي.

ولا أظن المسؤولين العرب تسوؤهم نتيجة هذه الفرضية، لأنها في المجمل لا تضعهم موضع المسؤولية في المقام الأول، وما يدعم هذه الظنون عاملان اثنان: الأول الإيحاء العام الذي يخرج به الدارس من هذه الفرضية أن كل تلك المشاريع سبب وليس نتيجة، أي أننا نربط كل مشروع يحاول الإجابة عن أزماتنا العربية بكونه سببا للأزمة وليس نتيجة للحلول التي يقدمها له. وهذا كما تعلمون خلط كبير بين الأزمة أو القضية نفسها وبين أسبابها من جهة وبين نتائجها من جهة أخرى. أما العامل الآخر فهو يتصل بالاستعمار من جهة والإمبريالية من جهة أخرى الذي تحيل إليه الكثير من المشاريع باعتباره المسؤول الأول عن حالة التخلف التي تعم البلدان العربية.

كل ما تكلمنا فيه، هو عن تاريخنا القريب. لكن ماذا عن إسلام اللحظة الراهنة؟ هنا تصدمنا الحقيقة التالية: أصبح الإسلام في قلب اهتمام العالم. وأصبحت هناك ظواهر ترتبط به، أو أريد لها أن ترتبط به كالإرهاب، والإسلامفوبيا، والتطرف إلى آخره من الظواهر السلبية. وهذا معناه تعويم الأزمات فبعدما كانت من خصوصية الداخل الإسلامي في فترة سابقة، أصبحت الآن شأنا عالميا، النظر فيها وتقديم مقترحات عنها أصبح منوطا بالمراكز العالمية للبحوث والدراسات والعلماء المتخصصين في شتى الحقول المعرفية والإنسانية.

هذا الانتقال ماذا يعني؟

يعني شيئا واحدا هو تعويم المسؤولية!