آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

تطوير المنظومة التعليمية ضرورة الحاضر! 2 - 2

نجيب الخنيزي صحيفة الجزيرة

الحديث عن مقومات البحث العلمي، وعلاقته بالتنمية الشاملة، يتطلب التشخيص الملموس لواقع التعليم بوجه عام، والمعوقات التي تكتنفه، وخصوصًا التعليم الأساسي، وما يتصل به من قضايا؛ باعتباره القاعدة التي يبنى عليها النظام التعليمي برمته.

والتعليم الأساسي بمفهومه الشامل يتضمن مرحلة التعليم ما قبل المدرسي، كما يتضمن المرحلة العمرية التي تسبق سن العمل في ضوء التشريعات المعمول بها في كثير من الدول. وأهم القضايا المتصلة بالتعليم الأساسي والتعليم بشكل عام هي عناصر وحلقات منظومة التعليم، التي تتمثل في التجهيزات والمرافق، المناهج والمقررات، المختبرات وتقنية المعلومات، إعداد المعلم، وأخيرًا الإدارة.

والعنصر المهم في كل ذلك هو تحقيق مبدأ لامركزية التعليم، الذي يعني في المقام الأول تكافؤ الفرص للمتعلم في الالتحاق بجميع مراحله وأنواعه اعتمادًا على معيارَي المقدرة والكفاءة فقط؛ وهو من شأنه توفير بيئة تربوية فاعلة، تتيح للمتعلم الوصول إلى أقصى ممكناته ومستوياته ومراحله.

والعنصر الثاني في لامركزية التعليم هو: تعميم ونشر التعليم الأساسي والعالي أفقيًّا بين مختلف المناطق الجغرافية والتجمعات السكانية المختلفة.

والعنصر الثالث في لامركزية التعليم: توفير الاحتضان والرعاية الخاصة والمناسبة للموهوبين والمبرزين من جهة، ولذوي الاحتياجات الخاصة وبطيئي التعلم والمعاقين من جهة أخرى.

والعنصر الرابع هو رفع سقف فترة التعليم الإلزامي بحيث يتراوح بين 9 و12 عامًا.

والعنصر الخامس: التسريع في مأسسة التعليم، الذي يضمن المشاركة الفاعلة من جميع الفئات والجهات ذات العلاقة بالعملية التربوية داخل النظام التعليمي وخارجه، التي تتضمن المشاركة الإيجابية في عمليات التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقويم من قِبل هيئة التدريس، الطلاب، أولياء أمور الطلاب، ممثلي منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات العمل والإنتاج «العام والخاص».

العنصر السادس: اعتماد الشفافية والتشاركية والعدالة في إدارة المؤسسات التعليمية، والتعامل مع القضايا التربوية ذات الصلة.

العنصر السابع: تطوير اللامركزية في التشريعات والسياسات والممارسات الإدارية في النظام التعليمي.

العنصر الثامن: إتاحة المجال أمام مشاركة المعلمين والمتعلمين في تشكيل جمعياتهم المهنية واتحاداتهم الطلابية الخاصة بحرية.

العنصر التاسع: استحداث وتطوير التشريعات والأنظمة ذات الصلة، التي تنسجم مع التوجهات والخطط لترسيخ عناصر ديمقراطية التعليم ومتطلباتها في النظام التعليمي.

العنصر العاشر: رفع سقف الحريات الأكاديمية المسؤولة للمعلم والطالب على حد سواء، وتقليص القيود الأمنية والسياسية والاجتماعية في هذا المجال.

العنصر الحادي عشر: تطوير المناهج والكتب المدرسية، التي تشمل مواد العلوم الطبيعية والإنسانية والاجتماعية والدينية، وإدخال دراسة مادة الفلسفة المقارنة ضمن المقررات والمناهج لترسيخ المبادئ العقلانية.

العنصر الثاني عشر: استحداث وتطوير برامج إعداد المعلمين قبل الخدمة، وبرامج تأهيلهم وتدريبهم في أثناء الخدمة؛ لتشمل القضايا التربوية والمفاهيم والتطبيقات المتعلقة بها.

العنصر الثالث عشر: المواكبة والمواءمة مع التطورات العلمية، وعصر العولمة بتجلياتها المختلفة.

العنصر الرابع عشر: ربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية.

العنصر الخامس عشر: ترسيخ ثقافة المواطنة، الحوار، التعددية، التسامح، والقبول بالآخر، وعدم مهادنة القيم القبلية والعشائرية والطائفية، والعمل على غرس قيم الانتماء الوطني، والتلاحم الاجتماعي.

استندت في هذه العناصر إلى ندوة عقدت في عمان في إبريل عام 2001، شارك فيها العديد من وزراء التعليم والخبراء في البلدان العربية تحت عنوان «التعليم الأساسي واقع آفاق».

لا شك أن تولي شخصية علمية وأكاديمية متميزة في بلادنا، وذي خبرة ومعرفة عميقة، وآراء إصلاحية جريئة في المجال التعليمي/ التربوي، وهو الدكتور أحمد العيسى لوزارة التعليم، سيعطي دفعة قوية على صعيد تطوير منظومة التعليم، دون أن نغفل الصعوبات والتعقيدات والكوابح البيروقراطية والأيديولوجية المعروفة.

وقد تجسدت آراؤه الإصلاحية في كتبه ومقالاته، ومن أبرزها كتابا «إصلاح التعليم في السعودية»، و» التعليم العالي في السعودية: رحلة البحث عن هوية».

وقد سبق أن استضافته «ديوانية الملتقى الثقافي» في منزلي قبل سنوات عدة، ومن خلال ما قدمه وعبر إجاباته عن التساؤلات والمداخلات تلمس الحضور مدى عمقه المعرفي والمهني، وإخلاصه الوطني، وتطلعه الصادق لتطوير المنظومة التعليمية.