آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

علاقاتنا وجحيم الغضب

ياسين آل خليل

هل سألت نفسك يومًا عن ذلك الغضب الذي ينتابك بين الحين والآخر ودونما سبب جوهري؟ من السهل جدًا أن نرى غضب الشخص، لكن من الصعب أن نرى المشاعر الكامنة وراء ذلك الغضب. عادة ما تكون هناك عواطف ومشاعر مخبأة تحت السطح ويجهلها الطرف المقابل، في كل مرة تجتاحنا فيها يوفوريا الغضب وجحيمه التي لا تطاق. في تلك اللحظات نحن نعلم تمامًا ما يجول بخواطرنا، لكن يا ترى هل نمتلك القدرة على إدارة هذه النوعية من المواقف، وهل هناك من خطط نلجأ إليها للخروج بأقل الخسائر؟

غالبًا ما يميل الناس لاستخدام الغضب كوسيلة لحماية مشاعرهم الضعيفة. فَلَو تمهلنا وتمعّنا قليلًا لاكتشفنا أن تحت كل نوبة غضب هناك إرهاق قد تراكم لفترة من الوقت ووصل ذروته في تلك اللحظة، ولأنه لم يجد التنفيس المطلوب ليخفف من حدته، انفجر كالبارود ليدمر ما أمكنه دون مراعاة لقرابة هنا أو مداراة لعلاقة هناك.

عندما يغضب أحد ما، سواء كان ذلك الفرد شريك حياتك، أو أخ لك، أو صديق، فلا يجب عليك أن نأخذ الأمر شخصيًا. فذلك الغضب في الواقع قد لا يعنيك في شيء، من قريب أو بعيد، وإنما هو تعبير لمشاعر كامنة في داخل ذلك الإنسان. ولأنه لا يمتلك أدوات التحكم في مشاعره تراه يدخل في تلك النوبة من الغضب العارم وقد لا يعي ذلك الشخص ما يمر به من مخاض عسير وويلات حتى انتهاء العاصفة وعودة الأمور إلى وضعها الطبيعي. عندما تتخذ منحًا إيجابيًا بعدم تفاعلك سلبًا مع ما حصل، فأنت بتصرفك هذا تكون قد سلكت طريقًا أقل ما يوصف بأنه على مستوى عالٍ من الحكمة والذكاء العاطفي.

قد يكون من الصعب جدًا أن تستوعب تلك الحالة من الانفلات العصبي وتصاب بالدهشة إلى حد إدراك ما هو يقين وثابت إلى مالا يصدقه العقل وينفيه. كل ذلك يحدث عندما يوجه شخص يهمك جُلّ غضبه تجاهك ودون أن يصدر منك ما يدعوه لذلك الفعل، فقط لأنه يعاني من مشكلة تسمى ”الغضب“. نحن جميعًا مسؤولون عن أفعالنا وبالتالي علينا أن نُحْسن إدارة مشاعرنا والتعبير عن ما يجول بخواطرنا بشكل حضاري ومناسب،

في الختام وباختصار، السلوك البشري ينطوي على أكثر من مجرد ردات أفعال عفوية. بإمكاننا كبشر أن نتعلم السيطرة على سلوكياتنا من خلال العمل على تنظيم طرقنا في التفكير. فالتفكير هو المحدد الأساس والمبرمج الأول لكل سلوك يتولد ويخرج منا للعلن. ردود الفعل المشحونة بالغضب ماهي إلا نتيجة لبرمجة عقلية خاطئة نهايتها معلومة للجميع لما تحمله من سلبيات مخيبة للآمال.

الغضب عندما يكون في نصابه المقبول، يمكن أن يكون عامل تحفيز، يدفع صاحبه لاتخاذ إجراءات إيجابية أما ذلك الذي يخرج عن نطاق السيطرة، فلا محالة نتائجه سوداوية ومدمرة. أما أكثر تلك الحالات ألمًا فهي التي تساهم في إبعاد الكثير ممن نحب عن دائرة التفاعل الاجتماعي والعلاقات الخاصة والتي من خلالها نتواصل مع الآخرين ونُكوّن صداقاتنا ونبني جُسور الود الحميمية مع مختلف الناس. لا يمكننا تجنب كل نوبات الغضب والصراعات الناتجة عنها، لكن دون شك يمكننا استثمار تلك المحطات في أن تكون أمثلة حية ومحطات تعليمية يحتذي بها الآخرون خوف الوقوع في المحظور من القول والعمل.