آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 12:58 م

مواجهة الصراعات المتواصلة

جعفر الشايب * صحيفة اليوم

لا يبدو في الأفق أن الصراعات السياسية والعسكرية ستتوقف في المنطقة العربية، بل على العكس من ذلك فإن الأرجح أنها ستظل منطقة ساخنة ومتوترة وقابلة للانفجار بصور مختلفة. فكلما بدا أن معركة ما أوشكت على الأفول والانتهاء، لاحت خلفها مباشرة بداية معركة جديدة، سواء أكانت سياسية أو دينية أو اقتصادية أو حتى عسكرية، وبعضها داخل الوطن الواحد كما حدث في سوريا والسودان وغيرها من دول المنطقة. ليس هناك إرادة دولية لإيقاف هذا النزيف الناتج من مواصلة التوتر والصراعات، فهو بالنسبة للعديد من الدول الكبرى يوفر بيئة مناسبة للكسب والربح ومواصلة النفوذ في المنطقة. كما أنه لا توجد قدرة على لجم حدة التوتر والتوجه لمعالجة الخلافات بصورة حضارية من خلال الحوار وتحديد المصالح والتفاهم عليها، سواء داخل البلدان أو بينها وبين بعضها الآخر. بين هذين العاملين من المعوقات، تدفع المجتمعات في أوطاننا أثمانا باهظة كضريبة لهذه الصراعات والنزاعات المستمرة، منها التهجير والنزوح من الأوطان للمخيمات أو الدول البعيدة، وانتشار حالة الخوف والقلق وغياب الأمن وانعدامه، وتعطل واضح في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

لقد أثبت الكثير من الصراعات السابقة - وحتى تلك التي بلغت حد الحروب المباشرة - أنه لا نتائج ايجابية انعكست منها على حالة الشعوب أو ساهمت في تقدمها، بل على العكس من ذلك أدت إلى المزيد من الخراب والدمار في البنى الاقتصادية والاجتماعية لهذه المجتمعات.

من المهم جدا حماية المكتسبات التي تم تحقيقها في أي مجتمع، والعمل على تنميتها وتطويرها من أجل تحقيق التقدم الملموس في مختلف مجالات التنمية الانسانية، والقيام بدور إيجابي فاعل للحد من النزاعات وخاصة المسلحة منها. تنبري في المجتمعات المتحضرة قوى فاعلة تساهم في التخفيف من الصراعات والبحث عن حلول بديلة تكون أقل كلفة من الخسائر المادية والبشرية، وتبني جسور التواصل والتفاهم من خلال الحوار.

الأمم المتحضرة والكبيرة والتي تساهم في صناعة التاريخ، هي تلك التي تتمكن من إحلال السلم بدل الحرب، والتنمية بدل التخلف، والبناء بدل الهدم، والقانون بدل الفوضى، وتعزيز سلطة وهيبة الدولة بدل هيمنة الجماعات المنفلتة. وهذا بالطبع ينعكس على الدول وعلى مختلف الهيئات والمؤسسات ا التي تساهم في أكثر الأحيان في إشعال فتيل الفتن.