آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:55 م

خطاب المنبر الحسيني والتغيير

علي عيسى الوباري *

بكل عام مع قرب عاشوراء تثار قضية خطاب المنبر الحسيني وأغلب من يطرح رأيه يطرحه من مسوغات ذاتية ومن منطلق اهتماماته وقناعاته الشخصية التي تكونت من ثقافة خاصة محدودة.

النقاش بتطوير خطاب المنبر الحسيني مرغوبة لكن الغير مقبول تأطير خطاب حسب وجهة نظر فردية وأقصاء آراء المتخصصين والمهتمين الذين يخالفونه الرأي ونسف كل ما اعتاد عليه المنبر سابقا في إبراز واقعة الطف.

البعض يشخص ويحلل قضية صنعت تاريخا وفكرا إنسانيا حسب ما يراوه مؤثرا بالمجتمع بعيدا عن رأي الأغلب والمختلف معهم بالرأي

فالمنبر الحسيني بين تنازع قناعات الأشخاص بين مؤيد لنمط تقليدي ورأي آخر ينادي بأن يواكب الخطاب العصر بكل ما يستحدث فيه.

مصدر الاختلاف هو رفض كل ما هو جديد بالنسبة للذين يروا الخطاب التقليدي اكثر تأثيرا والمجددون إذا صح التعبير يطالبون بعصرنة الخطاب بكل شيء واعتماد الخطاب العلمي بشئون الحياة التنموية.

الملاحظ أن الشخص المنظر في خطاب المنبر الحسيني يعتبر نفسه هو الحاكم بأمره والملم بالأحداث والمقيم الثقافي لنتائج الخطاب بل يمارس الوصاية الفكرية على كل ما يصدر من الخطاب المنبري ويضع الحدود والقيود على شكله ومضمونه وكل ما يخالف تشخيصه يعتبره خطأ.

خطاب المنبر الحسيني يعيش الصراع من خلال المتخصصين والخطباء والمثقفين والمهتمين في زمن تتغير احداثه باللحظة فتزداد المسافة بينهم بسبب فرض الرأي نحن بعصر لا يستطيع الأفراد او حتى المؤسسات ان تنفرد بصناعة القرارات الفكرية والثقافية رغم أن التقنية والتواصل الاجتماعي منحت الفرد سلطة لا يمكن أن يحلم بها لكن من يعتقد أنه بوحده مهما اوتي يساهم في حركة التغيير الثقافي والاجتماعي فهو مخطئ، هناك غيره من يمتلك الأدوات التي تفوق امكانياته.

خطاب المنبر الحسيني اصبح في زمن العقلانية والمنطق، فأغلب حضور المنبر هم من المتعلمين بالاكاديميات والدراسات العلمية والحديثة المعتمدة على الحقائق والوقائع والتجارب العلمية فالمتعلم بالعلوم الحديثة أسير تعليمه ولديه ولاء للمنظومات والمؤسسات التعليمية التي اكتسب منها علمه، يريد أن يساهم بما حصله من العلم بالتغيير بكل شيء وخصوصا في ما يراه تقليدي مثل أسلوب الخطاب الحسيني.

سيطرة ثقافة التقنية وأدواتها المغرية زودت الكثير اعتقاد بأنهم يمكن أحداث تغيير بل انقلاب في الحياة الاجتماعية.

النقاش بل التنازع في قضية خطاب المنبر مطلوبة ويفرضها الواقع لكن المشكلة تكمن في احادية الرأي، أي أن كل فرد يرى رأيه صواب ينبغي أن يأخذ بالاعتبار ويتجاهل أفكار غيره، نغفل أن العالم اصبح محكوم بتقنية تواصل تحكم أفكارنا وآرائنا بل خلقت تقنية التواصل فكر غريب عن فكر الأجيال السابقة أو من تلقى تعليمه من مصدر واحد ولا يعيش مناخ التقنية والعوامل المسببة للتحول.

يعتقد بعض المحافظين البقاء على خطاب بنمط معين يحافظون على الثوابت لكن بنفس الوقت يتجاهلون أن اسباب التغيير والتطوير يفوق عدد عوامل البقاء على الحال.

التوازن ما بين الأصالة والحداثة هو من يدفع بخطاب المنبر إلى قبوله ويلبي مستجدات العصر المتعددة ويؤدي رسالة إنسانية.

عدم الغاء آراء الطرفين هو الاسلم للحفاظ على رسالة وأهداف المنبر الحسيني في عالم مجهول مستقبله مع تدفق تياراته الثقافية المتعددة.

حادثة الطف قضية دينية وتاريخية ساهمت وما زالت تساهم في صناعة تاريخ إنساني بعيدا عن تأثيرات الآراء بتغيير مضمون الخطاب بدون شك التدرج والتمرحل بالتطوير الطريقة الأفضل بزمن لا تمتلك إلا النزر اليسير في تحولاته وتقلباته كذلك لا أحد يستطيع أن يمنع الآخر المختلف معك دينيا وثقافيا في ممارسة دوره لتحقيق ما يريد.

‏مدرب بالكلية التقنية بالأحساء،
رئيس جمعية المنصورة للخدمات الاجتماعية والتنموية سابقا.