آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

صداقة النفوس «2»

كمال بن علي آل محسن *

تحدثنا في صداقة النفوس «1» عن تعريف مبسط لصداقة النفس، ومنافعها الكبيرة والتي تعود على الفرد بصورة مباشرة والمجتمع بصورة غير مباشرة بالخير العميم وعلى جميع الأصعدة، ثم جعلنا مسك الختام للمقالة وذيلناه بسؤال صريح جلي واضح، غير ملتبس ولا مبهم وكان كالتالي:

«فمتى سنعقد صداقة مخلصة خيرة مع أنفسنا؟»

وتركنا المجال لأعزائنا القرّاء للإجابة عن هذا السؤال التحفيزي، وأعطيناهم الفرصة كاملة كي يدلوا بدلوهم ويلقوا ما في جعبتهم.

ربما فكر الكثيرون فيما لو قرروا عقد صداقة مع أنفسهم، صداقة تظللها المودة العميقة، ثم حددوا زمنا معينا للبدء في هذه العلاقة الرائعة، فإنهم حتما سيواجهون علامات استفهام كبيرة ومتشعبة ومتفرعة، وتحتاج إلى إجابات شافية، وخطوات عملية يمكن تنفيذها؛ حتى يتمكنوا من تكوين تلك العلاقة الروحية، ومن جملة تلك العلامات:

- كيف نستطيع أن نكون علاقة صداقة ناجحة مع أنفسنا؟!

- ما هي الطرق والوسائل التي تعيننا على تحقيق هذا الأمر؟

- كيف نجعل هذا البناء قويا لا تهزه المواقف؟

وهذا ما سنجيب عنه في هذا المقال، ولكن بشيء من التفصيل المطلوب والذي لا يمكن النفور منه أو تركه، فالمقام يحكمنا أحيانا، ولكل مقام مقال.

فدعونا نتحد ونفوسنا التّواقة إلى هكذا علاقة، ولنبدأ من أول السطر:

حتى نكون ونبني ونؤسس لعلاقة صداقة رائعة مع أنفسنا، لا بد وأن يسبق ذلك تنفيذ الخطوات التالية:

أولا: إعطاء هذه العلاقة - الصداقة مع النفس - الأولوية الحقيقية التي تستحقها، فعلينا وقبل أن نكوِّن علاقات صداقة مع الناس أن نكوِّن علاقة صداقة مع أنفسنا، فهي أولى بالتقديم، ومن خلال نجاحنا فيها سننطلق لتكوين علاقات صداقة ناجحة مع الآخرين.

ثانيا: القراءة المتأملة والهادفة والمتفحصة في طبيعة النفس البشرية، وسبر أغوارها؛ لاكتشاف أسرارها وخباياها الكامنة فيها، كل ذلك يسهّل علينا ابتداءً عقد صداقة ناجحة معها.

ثالثا: عليك بالتسامح مع نفسك، وأن تتقبل أخطاء الماضي التي يستدعيها عقلك الباطن، فلم يعد بيدك تغييرها، وكما تتقبل أخطاء الآخرين وتسامحهم وأحيانا تجد الأعذار لهم، فمن باب أولى أن تسامح نفسك وتفتح معها صفحة جديدة نقية بيضاء، وتحلق بها عاليا إلى الأمام.

رابعا: قيم عيوب نفسك ثم قومها وعدلها وطورها إيجابيا بما يجعلك بكامل الرضا عنها.

خامسا: ثق في نفسك وقدرها ولا تقارنها بالآخرين، فأغلب تلك المقارنات تفتقر إلى العدالة، فلكل ظروفه وشخصيته ومعاييره.

سادسا: عليك أن تسعد بإنجازاتك ونجاحاتك حتى لو كانت صغيرة، فذلك يؤدي إلى تكوين علاقة صداقة ناجحة مع أنفسنا ومع الآخرين.

سادبعا: كن صادقا مع نفسك قبل أن تكون صادقا مع الآخرين، فلا تخدعها ولا تجاملها إن أخطأت.

وأخيرا اختر نفسك عندما تكون لوحدك وامضِ معها وقتا ماتعا ومميزا وساحرا؛ لتنعم بالهدوء الداخلي الذي تنشده وتتمناه!