آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

النجاح في خلق مرونة الطلب تحدد بوصلة الترشيد الجاد

المهندس أمير الصالح *

وردتني اخبار مفادها بان سائق ميكروباص رفع رسوم خدمات التوصيل على مجموعة ممرضات واداريات بزيادة مفاجئة تقدر ب 50٪؜ بضربة واحدة وهذا قد يؤدي لتآكل نصف او ثلث مرتبهن. كما وردتني اخبار عن رب اسرة يقطن بمدينة الاحساء ويعمل بالمدينة الصناعية بالدمام قد استقال لكونه يتنقل بشكل يومي بين الدمام والاحساء في ايام العمل «نظام ورديات متقلبة» لعدم قدرته على الايجار السكني بالدمام لضعف الراتب «4000 ريال شهريا» ولزيادة سعر الوقود «60 ريال لسيارته الكابرس القديمة». مما يسبب الحرج وعدم امكانية الإيفاء بالتزاماته المالية الاسرية والاستهلاكية المعيشية فضلا عن ارتفاع رسوم العزبة من شاهي وفطور وسكر وغداء في مكان العمل، مما جعل صافي الراتب لا يوفي بالتزاماته. انسانيا تالمت لضحايا هكذا قصص وما يندرج على منوالها. وتسألت ماذا يمكن ان يصنع المستمع لتخفيف المعاناة عن اولئك الناس. وقلت في نفسي: كيف يمكن مساعدة او تخفيف الاثر على هؤلاء الناس؟.

هنا استحضرت مفهوم اقتصادي في مفهوم العرض supply والطلب demand لطرح مقاربة والبحث عن حلول مساعدة لاحوال من هم على منوال الامثلة المذكورة بعالية. المرونة في الطلب elasticity على اي سلعة من قبل المستهلك تُعرف في مبادئ علوم الاقتصاد على انها باختصار: قدرة المستهلك على ضبط ايقاع الاستهلاك لسلعة محددة لاعطاء مساحة مرونه في كمية الاستهلاك في حق السلعة المحددة لاسيما ذات الاستنزاف الكبير في المدخول. والعوامل المحددة للمرونة من طرف المستهلك هي:

  1. توفر البدائل للسلعة محل النقاش
  2. معالجات الطلب قصير الأجل مقابل طويل الأجل على السلعة المستهدفة في الموضوع
  3. النسبة المئوية للدخل المنفقة على المنتج المستهلك

لعل حديث الساعة في السلع المستهلكة حاليا في محيطنا هو وقود المحركات «البنزين» نظرا لصعود اسعاره بشكل مضاعف وفي قفزة نوعية وكذلك اقترانها زمانا باسعار المواد الاستهلاكية الخاضعة لرسوم القيمة المضافة. في مجال الوقود، لكون معظم السيارات المتوفرة محليا تعمل بوقود البنزين ولكون المدن مترامية الاطراف والمدن شاسعة المساحة ووجود وسائل نقل عامة تحتاج الى الكثير من الاستثمار لتكون في مستوى رضا المستخدم لها والتغطية الجغرافية المنشودة، ولعدم توفر السيارة الكهربائية بشكل مجدي اقتصاديا في الوقت الحالي، فبالنتيجة الطلب على وقود المواصلات غير مرن في المدى القصير لمعظم اصحاب السيارات اي المستهلكين للوقود.

وهذا يبرر تصاعد رسوم خدمات النقل الخاص في الوقت الحالي. وهذا قد يكون أحدث صدمة للاغلب من المستهلكين لان التكلفة في الارتفاع لاسعار الطاقة رُحلت على المستهلك النهائي.

نعم يستطيع البعض من المستهلكين ان يجعل طلب مادة الوقود على سبيل المثال مرنة نسبيا في حياته اذا ما نجح بان يقلل استهلاكه للوقود من خلال:

  • السكن بالقرب من موقع العمل او
  • جدولة المشاوير لتكثيف استخدام المواصلات العامة القليلة التكلفة او
  • بالاشتراك مع اخرين في المشاوير المشتركة بالتناوب او
  • باستخدام السيارة الكهربائية اذا ما توفرت او
  • بتغيير المركبة المستهلكة للوقود بمركبة اخرى اكثر كفاءة في استهلاك الوقود او
  • في حالة الممرضات او الاداريات المحتاجين لتنقل، بان تقود احد الممرضات للسيارة بالتناوب مع صديقاتها فور تفعيل القرار «يونيو 2018» لتجنب الرسوم الباهظة بالنسبة لهن. في الوقت الراهن، لكون البدائل قليلة للوقود الاحفوري، فان طلب المستهلك المتأثر به يكون غير مرن وهنا تكون الكمية المطلوبة للاستهلاك لا تتغير كثيرا استجابة لارتفاع السعر.

اذا ما الحل لجعل الوقود المستهلك مرن الطلب بالنسبة لـ المُستهَلك؟! ليس هناك حل شاف كاف لتقليل تكلفة المواصلات للفرد المعني بالأمر، على سبيل المثال، ولكن هناك خليط من معالجات تقلل الاثار المستنفذة لـ الدخل المالي للفرد ومنها ماذكرنا بعاليه في المقترحات.

ونزيد بالقول واحد تلكم الحلول قد يكمن في وضع خطة استهلاك طويلة وقصيرة الأجل لاي مادة استهلاكية اخرى لضمان تخفيف الاعباء المالية من جانب لتمويل جانب آخر اكثر اهمية وكذلك الانخراط في برامج تزيد او تنوع مصادر الدخل لذلك الفرد. وفي هذا تفاصيل عدة ونقترح على القارئ تحديد نسبة الاستقطاع الملموسة في مدخوله لكل الخدمات والسلع الاستهلاكية في حياته وعمل متابعة وتقييم لكل نقطة استنفاذ الدخل المالي ودراسة البدائل والقيمة المستردة في الفائدة من كل ريال او دينار او درهم او دولار تنفقه. لعل قاعدة الاهم والمهم» prioritization «قاعدة يمتد تطبيقها حتى في التخطيط المالي لاسيما في حالات ان المداخيل income اقل من المصارف Spending وهذا ينطبق في كل شؤون الاستهلاك في الحياة.

وليحرص المجد ب التحرك ضمن نطاق خط الميزانية وبنود الاستهلاك.

لنتذكر بان نجاح كلا منا في جعل الاستهلاك مرن لاي مادة او خدمة يحتاجها، يجعل منه هو صاحب القرار في كمية الاستهلاك وبالتالي يستطيع ان يتحكم اكبر في مصروفاته. نسأل الله لكل انسان الكرامة المالية وحفظ ماء الوجه والنجاح في الحياة.