آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:55 م

وهلم جرا

محمد العلي * صحيفة اليوم

«ساكن في حي السيدة/ وحبيبي ساكن في الحسين/ وعشان انول كل الرضا/ يوماتي اروح له مرتين/ وكل واحد قال عني/ عاشق وقلبه مش هنا/ وأنا قلبي متحير/ ما بين السيدة/ وسيدنا الحسين».

من الآن «وهلم جرا» سأكتب «شيش بيش» بمعناها الشعبي «الفردي» لا اللغوي، ذلك لأن الكتابة الجادة، أصبحت مثل يقين ابن الرومي، الذي ابتلي «بمرض باطن شديد الخفاء» كما يقول.

الكتابة الجادة، لا بد أن تكون «مرقعة» أو ملفقة، أو قادمة من عصور «المقابسات» كما يسميها الراحل الجابري، إنها حرباء حقيقية تلبس حللا من الرموز لا عد لها، وأحيانا تحتاج إلى وضع قاموس بقربك لفهم مفرداتها، إنها زرقاء العيون عليها وجه أسود، كما يقول بشار، والسواد هنا ليس ليليًا، بل هو ذلك الذي «ألقى للنور وشاحه» كما يقول عبدالوهاب.

أعود ورأسي يتأرجح يمينا وشمالا، وكأنه مؤذن بشار بن برد، أعود إلى محمد عبدالمطلب، الساكن في حي السيدة، هذا المسكين لا يملك للمواصلات غير قدميه، وهو يوميا يمشي من حي السيدة إلى سيدنا الحسين مرتين اثنتين، حتى تورمت قدماه، وما ذاك الا لينظر الى وجه حبيبته، أليس في ذلك قسوة يا هوه؟!

مل عبدالمطلب من حالته، وقرر، بكامل قواه العقلية، أن يشتري سكنا في سيدنا الحسين، هنا فقط، وقع في «حيص بيص» لا غير، لأنه يحتاج، لشراء سكن في سيدنا الحسين، الى هرم من «المصاري» فأغمض عينيه، ونام على الرصيف، ولهذا قيل: «اليأس إحدى الراحتين» وهذا ما يرفضه الشاعر محمود درويش، فهو يقول: «لم نعد قادرين على اليأس أكثر مما يئسنا».

أما حبيبته، التي أين منها صبر أيوب، فقد قالت له، حين أخبرها عما وصل اليه:

إذا لم تكن لي والزمان شرم برم

فلا خير فيك والزمان ترللي

وكان هذا الموقف منها موقفا لا يساويه حتى موقف ذاك المهبول، الذي قطع أذنه، وقدمها لمحبوبته، وما أشبه ذلك وحين قال لها: ما الحل؟ مالت ميلة راقصة، وقالت: إزاي أنا جاية معاك الى السيدة، وهنا اجتمع الشمس والقمر، في فلك واحد، رضي من رضي، ومن أبى فله شرم برم.

كاتب وأديب