آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:54 ص

غياب وعي ممزوجة بأساليب تربوية بالية تُمارس علانية

المهندس أمير الصالح *

بعد التوفيق الالهي في اداء فريضة العمرة، ركبت وبعض افراد أسرتي طيران خطوط flyadeal، من مطار جدة باتجاه الدمام قبل بضع ايام. كانت الطائرة من نوع ايرباص - 200 ذات الترتيب الثلاثي للمقاعد يميناً ويسارا في كلا الشطرين للطائرة. صادف ان جلس بعض افراد اسرتي في الصف الذي يلي صف اسرة عربية خليجية.

تلكم العائلة مكونة من اب وام وفتاتان صغيرتان، جلسوا اعضاء تلكم الاسرة بترتيب ثلاث مقاعد شُغلت المقاعد المتلاصقة بالأم وبناتها بينما الاب توسط الجلوس بين المقعدين الممتدين على نفس الصف من الشطر الاخر.

بُعيد إقلاع الطائرة ببضع دقائق سمع الركاب المجاورين لصفوف تلك الاسرة انين وبكاء احد الفتاتين المستمر والمتزايد. نقل لي احد افراد اسرتي الراكبين في الصف الذي يلي صف العائلة المذكورة الصورة المؤلمة التالية:

كنت منشغلة في الدعاء وشكر الله على جميل توفيقه لنا لأداء العمرة وبعيد الاقلاع كسر صمت الركاب انين طفلة بريئة يرد من احد مقاعد الصف الأمامي ومع تنامي وتصاعد الصوت الباكي لتلك الفتاة المجاور مقعدها لنافذة الطائرة، ظننت للوهلة الاولى بان الفتاة ذات العشر سنوات، كما يبدو، ظننت ان لديها رهاب الطيران. ومع استمرار البكاء وتدخل الام بإسكات بنتها ومحاولات الام التهوين لابنتها الامر بالقول تكرارا ومرارا بان الطائرة على وشك الوصول والقول تحملي شوي سنذهب الى المستشفى فور الوصول لمطار الدمام. كل تلكم المحاولات من الام بائت بالفشل وانين البنت الصغيرة مستمر وتتضح معالم الامر لسبب البكاء، من خلال طلب الام لـ بندول سائل من المضيفة التونسية. وعند سؤال المضيفة عن عدم توافر بندول سائل ومدت يدها بحبوب البندول؛ انفجرت الام بالقول: كيف طائرتكم ليس بها بندول سائل؛ ثم أردفت الام قائلة: بنتي معها مرض تكسر الدم المنجلي الحاد ولا ينفع معها حبوب البندول. ثم ظهر الاب ذا الطول والعرض الضخمين ومندفعا كأنه يقوم بدور عنتر، مشرئبا غضبا ومتدخلا لمعالجة الامر بعد بكاء البنت لفترة زمنية معتبرة ناهزت 40 دقيقة واخذ حبوب البندول من المضيفة. انصرفت المضيفة وذهب الاب نحو مقعد البنت واجبرها على فتح فمها بالقوة وادخل حبة البندول في فاهها وهي في حالة ذعر من الاب العنيف سلوكا وتطاول الالم من نوبات التكسر المنجلي الحادة.

كان كل من رصد الحالة من الركاب المجاورين حينذاك امتلاء صدره حنقا اتجاه الاب بمعاملته الجافة القاسية نحو ابنته ونحو أمها التي فشلت في اعداد الأدوية اللازمة قبل واثناء الرحلة لتفادي هكذا امور ومصاعب ومتاعب لتلكم الفتاة الصغيرة. احس من شاهد الحدث انهم امام جلاد اسمه انتهك شرف الابوة وام اهملت حنان الأمومة. هبطت الطائرة والبنت الضحية مستمرة في البكاء بصوت مخنوق خوفا من الاب المتسلط. بلغني تفاصيل الحدث والمشهد بعدما انصرف كلا الى منزله من ارض المطار. آلمني الحدث وحاولت ان اعبر عن كبير تعاطفي للفتاة الضحية وأطالب ذويها من زيادة جرعة الوعي في طرق التعامل مع ابنتهم المصابة ب مرض التكسر المنجلي بأسلوب يتناسب وانسانية الانسان وسمو شرف الابوة وحنان الام.

ليس لأي منا علم اذا ما كان الباعث لعدم وجود الجرعات الطبية هو ضيق اليد او الاهمال او النسيان او ضيق الافق. والسؤال: هل غياب الوعي والممزوج بأساليب تربوية بالية التي مورست علانية هي كامل المشهد او جزء من المشهد لتلكم الاسر التي بها ضحايا لأمراض مستعصية؟!.

همسة: لطفا زيادة جرعة التثقيف الذاتي لكلا من الوالدين ممن ابتلوا بوجود امراض تحتاج لرعاية خاصة.