آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

ضحية الرياض والرقابة على العمالة المنزلية

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

نحن بحاجة إلى اعتماد منهجية واضحة تعتمد على إدارة أنظمة الرقابة للعمالة المنزلية، والتي تشكل درعاً واقياً ضد حالات الجريمة

نحن السعوديين لنا طريقتنا الخاصة في ردود الأفعال تجاه الأحداث التي تمر علينا في الساحة المحلية، الطريقة الأولى هي في قدرتنا الفائقة على الفكاهة وابتكار النكت والتعليقات الساخرة على الأحداث، وهذا الأسلوب يظهر بشكل جلي في مواقع التواصل الاجتماعي، لربما هذا النوع من التعاطي يعد جيدا كونه يجعلنا في مواجهة مستمرة مع ذواتنا، ننتقدها ونقومها ونصحح من عيوبها وأخطائها، أما الطريقة الأخرى هي أننا نجيد إلقاء اللوم على الآخر، وأننا مستهدفون والكل يبحث عنا، وهذا يعد أسلوبا يجعلنا نعود لمربع الضحية، وبالتالي يمحو طريقتنا الأولى في النقد الذاتي.

تعالوا معي إلى الحادثة البشعة التي هزت المجتمع السعودي قبل أيام، إذ قامت خادمة إثيوبية في مدينة الرياض بقتل طفلة في ريعان العمر وإصابة أخيها الأكبر بطعنات غائرة. الحادثة ألقت بظلالها على أحاديث مواقع التواصل الاجتماعي، وانطلقنا نكيل الاتهامات ليس فقط لهذه العاملة، بل لكل شعبها وبني جنسها، فهذا يقول ثبت بالدليل القاطع أن هذه الجنسية تمارس العنف فهي غير مناسبة للعمل في المملكة ودول الخليج! وذاك يقول إن هؤلاء ليسوا ببشر!، وغيرها من التعليقات المشينة التي تصفهم بأوصاف تخرج بهم عن الآدمية والبشرية!.

السؤال هو: ما هو دورنا نحن؟ الطفلة نوال - رحمها الله - هي ضحية لإهمالنا، ولا أقصد هنا أسرتها، وإنما أقصدنا جميعا، إهمالنا الدفع بتشريعات رقابية مستمرة للعمالة المنزلية كونها ترتبط ارتباطا وثيقا بالأسرة، قد يقول قائل: إن وزارة العمل أقرت تشريعات واضحة ومقننة لطبيعة العلاقة بيننا وبين العمالة المنزلية، وهنا أقول: بالرغم من هذه الأنظمة إلا أنها قاصرة فيما يتعلق بأنظمة الرقابة للعمالة المنزلية، فلا توجد تقارير دورية للصحة الجسدية والنفسية للعمالة، ولا يوجد فحص دوري مفاجئ للعمالة المنزلية ولا يوجد تجديد للرخص الصحية، وإنما يتم الاكتفاء فقط بالفحص الأولي حتى لحظة دخول العمالة الأرض السعودية. لربما أن الفتاة المتوفاة - رحمها الله - ذهبت ضحية لخادمة متعاطية للمخدرات، وهذا يتطلب إجراءات وقائية شهرية كتحليل للدم والبول وفحص آثار المواد المخدرة، ولربما أن الضحية كانت بسبب اختلال نفسي لدى العاملة، وتلك مشكلة أخرى بحد ذاتها تتطلب إجراءات مهمة مثل التقييم النفسي للقادمات للعمل في البيوت، وعرضهن على الأطباء النفسيين المتخصصين.

ما أود قوله هو أهمية النظر للقضية بمجملها والبحث في مناطق الفراغ التي نفتقدها وليس بردود انفعالية لا إنسانية وألفاظ نابية وشتائم فوارة ينثر زبدها إلى حين ثم تنطفئ ولا تعود إلا بكارثة أخرى.!

نحن في الحقيقة أمام مسألة رقابية مهمة تتعلق بمدى تطبيق الأنظمة والقوانين التي ترتب العلاقة بين العاملة والمستقدم، والمسؤولة عنها هي وزارة العمل، وفي نظري كذلك أن مجلس شؤون الأسرة هو الجهة الأخرى المسؤولة عن هذا الملف كون العمالة المنزلية تشاطر حياة الأسرة السعودية بأدق دقائقها وتفاصيلها. نحن بحاجة إلى اعتماد منهجية واضحة تعتمد على إدارة أنظمة الرقابة للعمالة المنزلية، والتي تشكل درعاً واقياً ضد حالات الجريمة. فما عسانا أن نفعل؟