آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

الشيخ آل عمير: يجب أن نتعامل مع محاولات التشكيك والإلحاد بعين الناقد

جهات الإخبارية حوار: انتصار آل تريك - القطيف

مسؤولية كبيرة وخطيرة تقع على عاتق رجل الدين والخطيب اتجاه توعية الشباب في الوضع الراهن، حيث يحتاج إلى منبر ريادي وقيادي يتحمل المسؤولية ويعمق الفكرة ويرصد الأولويات ويقترح الحلول.

وتعتبر مرحلة الشباب دقيقة وحساسة لذا فإن مسيرة التربية الدينية للشاب تقع ضمن المسار المستمر والمتكامل للتربية.

على ضوء هذه العناوين كانت لـ «جهينة الإخبارية» وقفة حوارية مع الشيخ محمد آل عمير تحاوره الزميلة انتصار آل تريك.

السؤال الأول: نستهل حواريتنا بالسؤال عنكم وعن الأنشطة التي قمتم بها مؤخراً.

اشتغل منذ شهور بتحقيق كتاب في علم أصول الفقه لأحد كبار علمائنا المعاصرين «ره»، وأتمنى أن أنتهي منه قريباً ويرى النور ويضاف إلى المكتبة التخصصية في الأصول.

بالإضافة إلى الانشغال بالمحاضرات والندوات واللقاءات الثقافية.

كيف يوظف رجل الدين والخطيب مسؤوليته اتجاه التوعية والإرشاد على المنبر؟

إن الخطيب الحسيني - عالماً كان أم خطيباً - تقع عليه مسؤولية كبيرة وخطيرة، فهو يقوم بأدوار عدة في آن واحد، فهو:

  1.  يصنع العاطفة الجمعية، من خلال أدائه القصصي والشعري، ومن خلال ما ينتخبه من قصائد وحكايا مؤلمة، مما وقع على أهل بيت العصمة والطهارة في كربلاء، والمآسي المختفة.
  2.  يصيغ الاتجاهات الثقافية للجماهير، من خلال ما يستعرض من آراء فكرية وثقافية متنوعة.
  3.  يساهم في تشكيل الرؤية الجماهيرية للماضي، من خلال ما يرشد إليه من مصادر تاريخية وقصص متنوعة من الماضي الإسلامي والإنساني، كما أنه يشد ذهن المتلقي للمستقبل من خلال إسهامه في تحديد الأولويات وما ينبغي على المتدين أن يمارسه في حياته.

وكما تلاحظون، فإن هذه الأدوار الخطيرة تحتاج إلى منبر ريادي قيادي، يتحمل المسؤولية، ويعمق الفكرة، ويرصد الأولويات، ويحصي المشكلات، ويقترح الحلول، ويقدم كل ذلك بين يدي المستمع.

لذا، فعليه ان يتهيأ لهذه الجولة، ويخرج بأعلى نسبة من نسب التألق والنجاح.

فمن قصده آلاف المستمعون عليه مسؤولية بين يدي الله تعالى أن يقدم زاداً عاطفياً وفكرياً متوازناً، وهذا يحتاج إلى:

  1.  تحضير بإتقان للمجلس والمحاضرة.
  2. تقييم دائم لهذه المجالس.

فهنيئاً للخطباء الذين استعدوا واستثمروا هذا الإقبال عليهم.

فئة الشباب نقطة تحول هامة، ما هو العمر المناسب للتثقيف الديني؟

التثقيف الديني حركة مستمرة، لا عمر له.

إن مرحلة الشباب مرحلة في غاية الدقة والحساسية، من جهة قابلية الشباب للاستقلالية الفكرية والنقاشات المتنوعة التي تصقل شخصيته، ومن خلال ما يصيغ شخصيته من أفكار ومشاعر وسلوكيات الأقران والأصدقاء.

لذلك، فإن مسيرة التربية الدينية للشاب تقع ضمن المسار المستمر والمتكامل للتربية، كالتالي:

أ: الاهتمام بالتربية الوالدية في مرحلة الطفولة، لأنه مرحلة تكتسب السلوكيات والمبادئ والقيم من المحيط القريب، من دون أن يلقى على عاتقة مسؤولية فكرية أو سلوكية مستقلة.

وهنا، ندعو لتكثيف الاهتمام في هذه المراحل بالالتحاق بالدورات الدينية التنموية الموسمية، التي تستهدف المراحل العمرية حتى سن 13، والمنتشرة بشكل مميز في مناطقنا.

وأهمية هذه الدورات انها تعمق المبادئ الدينية الأساسية، لتشكل البنية التحتية للشاب اليافع، وموجه داخلي في تقييم الأفكار المتنوعة في مرحلته العمرية.

ب: في مرحلة المراهقة تبدأ ملامح الاستقلال بالتشكل، حيث يبدأ الشاب بالمناقشة والتفكير النقاقد، بطريقة لم يألفها من قبل.

وهنا ندعو الوالدين والأهل والأصدقاء أن يتفاعلوا إيجابياً مع هذه الحالة، ويتفاعلوا مع أجواء الحوار والتعرف على الأفكار المختلفة والمتنوعة، كما عليهم تشجيع الشاب الجديد على أن يستمر في الاندماج مع الدورات الدينية والتنموية كما يبحث عن دورات في اللغات والتقنية والإبداع، حتى تتنامى عنده المهارات والثقافات بشكل متوازن.

ج: في مرحلة ما بعد المراهقة لا نتصور أن التنمية الدينية ستتوقف، وإلا ستتجمد الأفكار، وستكون - كما هي عند بعض الشباب - عبارة عن فلاشات وأفكار متناثرة يتلقاها من وسائل التواصل والإعلام المعاصر، لا أكثر.

ماذا عن الشباب المبتعثين، موجات وتحديات في بلاد الغربة، كيف يمكن تهيئتهم دينياً؟

إن حركة الابتعاث فتحت أبواباً للنوابغ والنابهين ومن يبحث عن مساحة للرقي الأكاديمي، وننتظر من هذه الحركة انتاجات وابتكارات وهمم عالية في بناء مستقبل هذا الوطن.

أما ما يثار من القلق عن الابتعاد عن الدين، فهو أمر طبيعي، حدث في السابق حينما انفتح طلابنا على الابتعاث في الخارج، والناتج متشابه، فهناك من يرجع متمسكاً بقيمه ودينه بحدود عليا، وهناك من رأى مساحة للانفلات عما يعتبره قيود دينية، فالتاريخ يعيد نفسه.

وفي هذه الأجواء علينا أن نسجل إعجابنا بالشباب والشابات الذين وصلوا إلى مراحل عليا في المستوى الأكاديمي، في الوقت الذي لم يبتعدوا عن الممارسات التبليغية للدين، من خلال إحيائهم للمناسبات الدينية، وابتكارهم لأساليب تجذب الآخر للتعرف على الإسلام، وغيرها.

كما أن علينا أن نتعامل مع محاولات التشكيك بالدين وقيمه، أو الانخراط في دعوات المسيحية والإلحاد بعين الناقد البصير، نبحث عن الأسباب، ونتواصل لإيجاد الحلول، خصوصاً إذا كانت هذه الانتكاسة بسبب شبهات اجتماعية أو فكرية، ولم تكن نتيجة أغراض شخصية أو تحولات نفسية.

وهنا يأتي دور المجتمع وعلماء الدين والنخب، حيث أن وظيفتنا جميعاً أن ينساهم في خلق بيئة تواصلية مع هؤلاء الأحبة، للإجابة على تساؤلاتهم ومناقشة الأفكار المتنوعة التي يفكرون بها أو يواجهونها في المساحات المختلفة هناك.

وقد رصدت جملة من الأنشطة التي تميزت في منطقتنا والتي تستهدف المبتعثين على مستوى الندوات والحوارات المفتوحة واللقاءات بعلماء الدين، واستمرار ذلك وتطوره من شأنه أن يعمق الصلة بين الشاب المبتعث والنخب الثقافية في الوطن.

أما التبري ممن يثير تحفظاً او يعلن أفكارا شاذة سيقطع جسر التواصل ويلغي حطوط الرجعة الى الحاضنة الدينية في المستقبل.