آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

فوضى الفواتير

جعفر الشايب * التجديد العربي


طوال السنوات الماضية، كانت الشكاوى تتركز أكثر شيئ على فواتير شركات الهاتف التي لم تكن منضبطة بنظام فوترة واضح، ويلزم المشتركين من التسديد أولا على الرغم من الأخطاء المتكررة والارتفاعات الواضحة دون مبرر. والمشكلة أنه لم توجد مرجعية لفصل هذا النوع من الخصومات، مما يضع المشترك أمام خيارين أما الدفع أو قطع الخدمة.

ومع الربط المعلوماتي لمعلومات المشتركين، استغلت هذه الشركات نظام ”سمة“ للمزيد من الضغط على المشتركين المتأخرين في السداد - حتى لو كانوا معترضين على الفواتير - فهو نظام يستقي معلوماته من طرف واحد دون أن يكون للشخص المفوتر الحق في توضيح سبب تأخره او اعتراضه على الدفع. والنظام بالطبع من شأنه أن يعقد من حياة الأفراد حيث بإمكانه إبقاف حساباتهم البنكية أو تعطيلها ووضع إجراءات قانونية الزامية عديدة عليهم.

جاءتنا أخيرا صدمة فواتير الماء والكهرباء، والتي عشنا فيها تخبطا عشوائيا مريرا طوال السنتين الماضيتين. فنظام الفوترة تغير عدة مرات وانعكس على زيادات مضطردة ومرتفعة وغير منطقية في رسوم هذه الخدمات على عموم المواطنين. طوابير من المراجعين في هذه الادارات، كل واحد منهم يشكو من ارتفاع فواتيره صاروخيا محاولا فهم شرائح الفوترة ونظامها ومبررات هذا الارتفاع الغير مبرر.

البعض منهم يجد له طريقا أو مخرجا لإعادة مراجعة استهلاك عداد المياه أو تعديله، فيخفض له جزءا من فاتورته المرتفعط ويدفع الباقي مضطرا على الرغم من زيادتها، لكن الكثيرون لا يجدون مخرجا الا الدفع أو مواجهة قطع الخدمة عنهم أو تراكم الفواتير. تكرمت بعض الادارات الخدمية بعمل برامج التقسيط لمشتركيها للحصول على نفس المبالغ المفوترة على دفعات.

المشكلة هنا، هي أن الكثير من الموظفين المسئولين في هذه الإدارات الخدمية لا تجد لديهم إجابات واضحة ومقنعة عن طريقة وآلية الفواتير، ويهربون من أسئلة المراجعين وأحيانا يغلقون عليهم أبوابهم هربا من المواجهة والإجابة. إضافة لعدم وجود جهة تحمي المستهلكين وتتبنى قضاياهم وشكاواهم وتبحث فيها، وتتواصل مع الإدارات الخدمية هذه للوصول إلى آلية مناسبة وعملية للفوترة.

الكل يتفهم الزيادات القائمة في تسعيرة الخدمات العامة، ولكن ذلك لا يعني تخبطا وعشوائية في طريقة تنفيذها. بل تحتاج إلى برامج إعلامية وتوعوية مناسبة تهدف إلى توعية المواطنين بالتغيرات الحاصلة، وطريقة حساب الفواتير ونظمها، وتأهيل الموظفين لاستقبال شكاوى المراجعين بصورة لائقة والإجابة عليها ومعالجتها.

من المهم ان تكون هناك استراتيجية واضحة ومدروسة لنظام فوترة الخدمات الأساسية للمواطنين، تشترك فيها الهيئات المعنية سواء الرسمية أو الأهلية كمجلس الشورى والغرف التجارية وغيرها من أجل الوصول إلى خطة فوترة مناسبة تراعي وضع المواطنين وخاصة أن هذه الخدمات محتكرة لدى شركات ومؤسسات محددة. كما أن مثل هذه الخطة بحاجة إلى أن تكون معلنة وواضحة ومعروفة لدى المستفيدين قبل تطبيقها الذي ينبغي أن يكون مرحليا أيضا.