آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:50 م

المستثمرون السعوديون الجدد

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

علينا التفكير لحظة، هل ما نقدمه من حزمة لاستقطاب الاستثمار المحلي مناسب لمتطلبات السياق الاقتصادي العام محليا وعالميا؟ ولطموحاتنا في الوصول والمنافسة في الثورة الصناعية الرابعة؟ أم أننا نمد ونحدث في منظومة كانت مفيدة وفعالة في وقت مضى؟ إن كنا نتحدث عن جيل جديد ريادي فمهم أن نضع الحاضنات ومسرعات الأعمال جنبا إلى جنب مع المناطق والمدن الصناعية. لماذا؟ إن انطلاقة الاقتصاد الجديد تقوم على عملية الإبداع الشخصي والروح الريادية، فهي صناعات معرفية بالأساس.

هي إجمالا لا تحتاج إلى مساحات شاسعة مجهزة بالبنية التحتية الصناعية، بل إلى مسرعات ومختبرات لفحص الأفكار وإثبات جدواها ثم إيجاد ”مدرج“ لانطلاقتها نحو السوق. وبالقطع فهذا لا يتناقض ألبتة مع الاهتمام بالصناعات النفطية والتكريرية والبتروكيماوية والتحويلية إجمالا، لكن مقتضيات التنوع والتحديث تتطلب كذلك إيجاد بيئة متكاملة ecosystem لاحتضان الرياديين ومن يعملون لأنفسهم. وقضية احتضان ودعم من يعملون لأنفسهم freelancers هي قصة القصص لدينا، والسبب أننا حتى كتابة هذه الأسطر، وعلى الرغم من الحاجة الماسة إليهم، إلا أننا لم نجد لهم منظومة متكاملة، باعتبار أنهم بذور نشوء نشاط اقتصادي جديد، سيضيف للناتج المحلي الإجمالي وظائف وقيمة مضافة. لنسأل: كم عدد العاملين لأنفسهم في السعودية؟ ما مساهمتهم الاقتصادية؟ في أي مهن يوجدون؟ وأيا من قطاعات الاقتصاد يخدمون؟ ما نصيب المواطنين من هذا النشاط؟ يبدو أن لا إجابة حاضرة لدينا عن هذا النشاط. ما العمل؟ التجارب الدولية عديدة، وبالنسبة لنا ”نحب“ أن نتلمس طريقنا من خلال التجارب العالمية، وهذا أمر مثير لا شك، وكذلك التعرف على مؤشرات الأداء. لنأخذ على عجلة تجربة بلد كبير وعالي النمو مثل الهند، لنجد أنها أوجدت شيئا يسمى ”فريلانسر إنديا“ كمنصة لاحتضان وتقديم خدمات لكل من يرغب أن يعمل لذاته، وتعداد عضوية المنصة قرابة 15 مليونا.

ولمن يتساءل فإن التوجه للأفراد ممن يعملون لحساب أنفسهم فيه كثير من المكاسب، فعوضا عن التعاقد مع وكالة دعاية وإعلان لتصميم وتنفيذ حملة إعلانية بوسعك الحصول على ما تريد من خلال التعاقد مع مجموعة من العاملين لحساب أنفسهم. والأمثلة كثيرة في كل مناحي الحياة وجميع أنشطة الاقتصاد. أعود إلى نقطة من حيث بدأنا بأن الأمر أكثر من مجرد دعم لفئة قد لا تجد عملا، إلى أننا أمام تنمية قطاع اقتصادي ما زال ضامرا، مع ما يتطلب من بناء السعة وتوفير البنية التحتية اللازمة، والدعم والتشجيع وتوفير الفرص في القطاعين الحكومي والخاص.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى