آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

من اكل جبنتي؟!

المهندس أمير الصالح *

عنوان ”من اكل جبنتي“ مقتبس من كتاب شهير لكتاب راج بشكل كبير في ثمانينيات القرن الماضي د كما اتذكر، بعنوان ”من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟“ واقتبست جزء من العنوان لما له من معان كبيرة لدلالة على ضرورة التكييف مع المتغيرات الاقتصادية والسلوكيات الاجتماعية واعادة اكتشاف الفرص المتاحة؛ وسأسلط الضوء بإذن الله العلي القدير على احد تلكم المعان.

حاليا، سوق العمل المحلي والدولي دخل حلقات كبيرة من المنافسة الشديدة ومن اهم عوامل تلكم الحلقات وليست محصورة فيها:

  •  زيادة عدد الخريجين الجامعيين والمهنيين
  •   زيادة عدد تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال شيوع استخدام الحواسيب التفاعلية في انجاز مهام متعددة آلياً
  •  محليا، صعود مستوى التنافس في حصص التوطين الوظيفي بين الابناء والبنات المواطنين. وهذا حق طبيعي ونبارك تلكم الخطوة ونبتهل لله بحسن التوفيق ودوام النجاح
  •  شبه ثبات في الاجور لموظفي بعض القطاعات وصعود الاسعار في بعض بنود المصروفات والمواد الاستهلاكية واجور خدمات الصيانة
  •   التضخم المالي الطبيعي inflation
  •   التنافس الحاد في بعض القطاعات وتصاعد روح الإدماج الوظيفي consolidation لتقليص التكاليف
  •   زيادة مستوى الشعور بعدم الامان الوظيفي في بعض القطاعات
  •  تغيير قطاعات التدوير المالي ووجهات الاستثمارات
  •  انخفاض سعر النفط وتأثير ذاك على بعض القطاعات

بالإجمال، تلكم الانطباعات او الامور تستحضر حقيقة ان الانسان بين روح المثابرة والمغامرة من جهة وبين روح القنوط او الجمود والاستسلام من جهة اخرى.

وهنا سأسرد قصة مقتبسة عن مصير مختلف يصنعه كلا منا بما يحسن صنعه من صنع قرارات وينفذها على ارض الواقع. القصة تقول، يُحكى ان مزارع يمتلك مزرعة أبقار، ويجمع المزارع محصول الحليب كل يوم في انائين مختلفين ثم يذهب بالانائين بعد إغلاقهما بأحكام الى مركز المدينة المجاورة ليبيع محصول الحليب. صادف ذات يوم وقبل ان يغلق الانائين الممتلئين بالحليب ان قفز في كل إناء فأر دون ان يلاحظ ذلك المزارع. اغلق المزارع الانائين وانطلق نحو المدينة ليبتاع المحصول. الفأر الاول زرع في نفسه الشعور بالاختناق والموت الحتمي ولم يقدم على اي نوع من التفكير الابداعي ليجتاز تلكم المرحلة؛ فمات الفأر الاول بُعيد فترة من اغلاق الاناء الذي سقط فيه. الفأر الثاني، بمجرد اغلاق المزارع للإناء استجمع الفأر كامل قواه العقلية والمعرفية والجسمانية لتجاوز تلكم المرحلة. فاخذ بتجميع فتات الزبدة الطافي على سطح الحليب واستعملها ك جزيرة من كتل الزبدة واستخدمها للاستراحة؛ واخذ الفأر الثاني يلعق الحليب كلما احس بالعطش او يغطس كامل جسمه في الحليب مستمتعا بوقته وضامرا النية ب القفز خارج الاناء بمجرد فتح المزارع الغطاء. وبالفعل قفز الفأر بمجرد ان تم فتح الغطاء وانطلق في الفضاء الرحب وعاش حياته من جديد بثقه اكبر مع مفهوم عميق في نفسه لإيجاد مخارج وحلول لكل ازمة تواجه.

استطرادا في المعنى وترسيخا له،

قبل عدة سنوات اطلعت على ملخص دراسة اكاديمية مبنية على بحث ميداني عُقدت بأحد الدول المتقدمة ومفادها بانه قام دكتور باحث بإرسال مجموعة سير ذاتية لأكثر من ثلاثين الف شخص الى شركات القطاع الخاص؛ وتقع السير الذاتية ضمن تقسيمات او تصنيفات خمس.

التصنيفات للسير الذاتية:

  1.   مواطن ذو شهادة علمية ولكنه ليس لديه اي خبرة عملية
  2.   مهاجر مقيم ذو شهادة علمية ولكنه ذو خبرة عملية محلية محدودة
  3.   انسان ذو شهادة علمية وخبرة وافرة ولكنه غير مقيم داخل البلاد
  4.  مواطن ذو شهادة علمية وذو خبرة ولكنه لا يُصنف انه ضمن نطاق الاغلبية البيضاء الحاكمة
  5.   مهاجر مقيم ذو شهادة علمية وذو خبرة محلية وفيرة

الدراسة اثبتت للباحث الدكتور بان المجموع الاجتماعي الذي يعيش بداخله مجتمع منحاز وعنصري وان تشدق بالشعارات او تشفع ب القوانين المكتوبة ونصوص الدستور.

من هذا وذاك نستخلص بان الانسان الجاد في ايجاد حلول للخروج من واقعة يجب ان يستجمع ويطور من قواه التحليلية والتفكيرية والتخطيطية لإيجاد مخارج تصنع واقع افضل له ولأسرته. وان كثرة التحلطم او البؤس من الواقع او التندر على هامشية ذات مفعولية لم ولن تخلق له ولأبناءه مستقبل افضل.

للشباب المنطلق نحو صنع مستقبل افضل نقول لهم استفيدوا من تجارب السابقين بكل تياراتهم والتصقوا بالإيجابيين وفتشوا عن الطرق الافضل والاكثر نجاحا فمعطيات زمانكم غير معطيات زمان من سبقوكم لكونكم خُلقتم في زمان غير زمان آباءكم. من الجميل ان يعمل شباب الجيل الصاعد على تشخيص كل شخص لنفسه في مجال الاعمال: هل يصلح ان يكون موظف employee، او رجل اعمال businessman، او رائد اعمال entrepreneur. ومن جهة اخرى يحتاج ان يروض الشباب الصاعد نفسه، بدل انتظار الوظيفة، على الأقدام وتقبل المخاطر المحسوبة والمجازفة المعقولة لـ مقاربة حقل تجارب مشاريع الاعمال التجارية بالقدر المستطاع وتكوين بصيرة ناضجة والاستفادة من الامكانيات المتاحة في مواقع جغرافية مختلفة ومجدية وخصبة للانطلاق في استثمار طاقة كل انسان ذو طاقة او مهارة.