آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

عادات الزواج بين الأمس واليوم

عباس سالم

الزواج هو: مشروع اجتماعي وعلاقة مقدسة بين الرجل والمرأة، تقوم بموجبه على تنظيم علاقة شرعية وقانونية بين الزوجين.

من العادات الجميلة للزواج في الماضي هي: أن العريس مع بعض الأصدقاء يذهبون في عصر يوم ما قبل ليلة الزواج والمعروفة بليلة ”الغِسَالة“ أو ليلة ”الحِنَا“ إلى حمام تاروت أو إلى أحد العيون الطبيعية للإستحمام، والنسوة في الفريج يقمن بطبخ عشاء ”ليلة الغِسَالة“ وهو العيش المحمر ”البرانچوش“ أو الرز الأبيض المشخول مع أنواع من السمك المقلي، وبعد الصلاة ينچب العشاء ويقدم للضيوف، وبعده يقرأ المولد ويأتي العريس للحناء ويبيت مع بعض الأصحاب في المكان إلى الصباح، وبعد صلاة الفجر وحين الإنتهاء من دبح الولائم وقدوم الشباب إلى المكان يتناولون وجبة الفطور جميعاً.

كل ترتيبات الزواج في الماضي تتم في الفريج، حيث يقوم الأصحاب بتجميع قطع السجين، والكرب، والتلة، وهي قطع تؤخذ من جذع النخل الميت وتجميعها في المكان الذي سوف تطبخ فيه الولائم، وعادة ما يكون قريباً لبيت العريس أو للحسينية التي سوف تستقبل الضيوف، وذلك لتكون جاهزة لطبخ وليمة الغذاء والعشاء عليها، والنسوة في الفريج يقمن بمساعدة أهل العريس بتنسيف أكياس الرز ”العيش“ وتفريم البصل وغيره لتكون جاهزة ليوم الزواج.

وفي ليلة الزواج يجتمع الأصدقاء في الفريج، ويذهبون إلى أحد المزارع القريبة لذبح العجول وتنظيفها أو الذهاب إلى ”المقصب“ وهو المكان الذي تذبح وتسلخ فيه الأبقار والخراف وغيرها، ويقع المقصب في ذلك الزمان بين القطيف وجزيرة تاروت والذي لا تزال آثاره موجودة إلى الآن، يذهب الناس إلى المقصب لمساعدة الذباح على ذبح العجول، وبعد صلاة الفجر تطبخ الكبدة ويجتمع الأصحاب لتناول وجبة الفطور مع العريس، ومن ثم الاستعداد لتجهيز ما يحتاجه الطباخ لطبخ وجبة الغذاء.

في صباح يوم الزواج يقوم الطباخ وهو رجل نزيه من أبناء ديرتي أمثال: المرحوم الحاج محمد أبو زيد ”أبو المهندس حسين أبو زيد“ والحاج حبيب الغرقان ”أبو علي“ والحاج ابراهيم النابود ”أبو عبد الرزاق“ والحاج عبدالله إبليس ”أبو ابراهيم“ والحاج علي جبران ”أبو محمد“، وكذلك يقوم ”العزام“ وهو ذلك الرجل الذي يمر على بيوت الفريج بيت بيت طارقاً الأبواب لتقديم الدعوة نيابة عن العريس وعائلته لأهل الدار بالحضور لتناول وجبة الغذاء والعشاء في الحسينية الفلانية.

والفريج يشع بهجةً وسروراً طيلة أيام الزواج، والتي تراها على وجوه الجميع صغيراً وكبيراً وهم يقومون بمساعدة الطباخ في إعداد وجبة الغذاء، ومع اقتراب الظهيرة يستعد الجميع لصلاة الظهر في أحد المساجد، وبعدها تبدأ الاستعدادات لنچب الغذاء وتوزيعه على الناس الذين ينتظرونه بكل شغف داخل الحسينية، وبعد الانتهاء منه يأخد الجميع قسطاً من الراحة.

وبعدها يتم الاستعداد لطبخ وجبة العشاء فيقوم الشباب بحمل صفاري الغذاء والذهاب بها إلى أحد العيون الطبيعية المنتشرة في المنطقة لغسلها لتكون جاهزة للطبخ، وبعد العصر يبدأ العمل على تجهيز طبخ وجبة العشاء، وعند الانتهاء منها يقوم الجميع لصلاة المغرب والعشاء، وبعد الصلاة يستعد الشباب لنچب العشاء ومباشرة الناس في الحسينية.

وما أن ينتهي الناس من العشاء يبدأ قارئ المولد بإدخال البهجة على قلوب الحاضرين بسرد مقتطفات من مواليد آل البيت ، ويأتي العريس إلى الحسينية لتقديم التهاني له ولعائلته من الحضور والإستعداد لزفته التي تتم بين صابات الفريج الى أحد المساجد القريبة لصلاة ركعتي الزواج، وبعدها تستمر الزفّة في الماضي إلى بيت العروس ويبيت معها 4 أو 7 ايّام معززاً ومكرماً من أهل البيت، وأن ”الداية“ وهي إمراة من مؤمنات الحي تقوم بخدمتهم طيلة الفترة، وفي جيلنا تستمر الزفّة إلى بيت العريس وتنتهي بدخوله إلى بيته.

بعد الليلة الجميلة التي عاشها العريس وأهله والناس في الفريج، ففي صبيحتها يستعد الشباب لترتيب الفطور وهو عبارة عن قطع من الحلوى المعمول محلياً مع الخبز العربي ذو الرائحة المميزة الذي كان يعد على يد خبابيز أهل البلد يرحمهم الله، وتقديمها إلى كل من حضر لتقديم التباريك للعريس ولعائلته، والطباخ يقوم بطبخ وجبة الغذاء الخاصة لأهل الفريج وأصحاب العريس، وقبل الظهيرة يغادر العريس المكان متوجهاً إلى بيته وبدء حياة جديدة كلها سعادة بدعوات الناس له طالبين من الله تعالى بأن يجعله زواجاً سعيداً وأن يرزقهما الذرية الصالحة.

واليوم للأسف في حفل الزواج زادت البهرجة ومظاهر الإسراف والتبذير والمبالغات في الأعراس خصوصاً بين النساء، في ظل تفشي الغلاء في كل أمور الحياة، وقد يتزوج أحد الجيران ولا ندري عنه! لأن الزواج تم في أحد الصالات المنتشرة في المنطقة إذا لم يكن في أحد صالات الفنادق الفخمة البعيدة عن الجميع.

خلاصة الكلام هي إن الزواج في الماضي كان يحضره الصغير والكبير والغني والفقير، وفي حاضرنا لايستطيع حضور الزواج إلا من لديه وسيلة نقل توصله إلى مكان الصالة أو الفندق الذي يقام فيه الزواج، والفقير والأب الكبير والولد الصغير لا يحسون بحلاوة الزواج في الفريج مثلما كان في ماضينا فرح وشموع في كل الفريج.


التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
سمارت كومنت
[ القطيف ]: 27 / 12 / 2018م - 9:15 م
الزواج اصبح معقد والشروط تعجيزية
الزواج في الوقت الحالي للتباهي وعرض الصور في الانستغرام وغيرة . الزواج اصبح وسيلة لتلك الفتاة وأهلها ان يقولوا لمجتمعهم نحن موجودون هنا شوفوا الي قدمناة من حلى وعشاء
هذا الزواج الباطل ليس من أجل إرضاء الله وتطبيق سنتة
هم يريدون إشباع رغبتهم المريضة بالنقص وذلك بالتعويض والبذخ والإسراف
أهالي معقدين غجريين عديمي رحمة لمجتمعهم .