آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

الاتجاه المعاكس

أمين محمد الصفار *

في الوقت الذي نرى الاهتمام الكبير بالتراث الوطني والمعالم التاريخية في المملكة، نرى وزارة الشؤون البلدية تعد العدة لإزالة ما تبقى من التراث العمراني ومنازل تراثية في قلعة القطيف التاريخية.

شارع الملك عبدالعزيز الذي يقع في وسط القطيف الذي يحتاج للتوسعة من الجهة الغربية سيجعله يبدو أكثر استقامة وأفضل للمدينة من الناحية التنظيمية والجمالية والحفاظ على التراث والطابع العمراني القديم مما لو تمت التوسعة من كلا الجهتين الشرقية التي بها البيوت التراثية المتبقية والجهة الغربية، حيث سيبدو أيضا على شكل منحني.

أن النجاح الباهر والسريع الذي تحقق وأصبح واقعًا نشاهده في كل من العلا والدرعية بعد تأسيس هيئة خاصة بكل منهما، يدفعنا الآن أكثر للإيمان بنجاعة هذا الحل واستنساخه في القطيف وكل المدن التاريخية التي تزخر بالتراث بأنواعه. وأما إذا أضفنا لهاتين التجربتين تجربة أخرى وهي تجربة الهيئة الملكية للجبيل وينبع فأننا أمام أمثلة نموذجية حية للنجاح، ولا نحتاج سوى للتعرف الي أسباب وعناصر هذه النجاح لتكون جاهزة للاستنساخ والاقتباس للبناء على هذه التجارب المحلية السعودية.

أننا في الوقت الذي نأمل ونسعى لتأسيس مشروع يحافظ على كل التراث العمراني والتاريخي في القطيف كلها وليس فقط على مستوى المنازل التراثية المتبقية من قلعة القطيف، ألا اننا نتفاجئ وللأسف بمشروع يجرنا للأسفل يستهدف إزالة هذه التراث العمراني العظيم، وكأننا بلا تاريخ وبلا تجارب إدارية وعملية ناجحة على مختلف الصعد.

أن إعطاء هيئة السياحة والتراث الوطني الصلاحيات اللازمة للحفاظ على التراث العمراني ونزع ملكية هذه المباني التاريخية لصالحها هو الخيار الطبيعي - إذا كان هناك خيارًا - المنسجم مع رؤية المملكة 2030، وهو الذي يحفظ شيء وعنوان مهم من ذاكرة المدينة والمملكة. مازالت تجربة هيئة السياحة والتراث الوطني ماثلة أمامنا في وسط جدة - على سبيل المثال - التي صرفت فيه الهيئة - بدلاً من إزالته - مبلغ 300 مليون ريال للحفاظ على بضع مباني هناك، وهي تجربة تستحق الذكر والتقدير والتكرار في مواقع تراثية أخرى أيضا.

أن الهدف من الإبقاء على هذا العدد المحدود من المنازل التراثية لقلعة القطيف بعد عمليتي نزع الملكية الأولى والثانية لقلعة القطيف كان للحفاظ على التراث العمراني للمدينة، ونحن مسؤولون الان اكثر لمواصلة الحفاظ عليها وصيانتها وتشغيلها أيضا ليتعرف الجميع على هذا التراث لهذه البلاد. فنعم لنزع الملكية ولكن حذاري من الاستسهال في التراث العمراني وعدم الحفاظ عليه.

أن وزير الشؤون البلدية المكلف لا يبدو أنه سيستخدم البنادول والمسكنات في معالجة المشكلات المعروفة في الوزارة، وبالتالي فأن للمجلس البلدي وبلدية القطيف الدور الأساس في الإصرار على إيضاح الصورة الحقيقية الكاملة عن هذا الأمر للجهات المعنية، ولنا عظيم الأمل في الجهود الكبيرة الذي يبذلها الوزير المكلف د. ماجد القصبي لتعديل هذا المسار بالاتجاه الصحيح الذي يبعث الأمل في الحفاظ على تراث المملكة أينما كان.