آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 2:22 م

الزهراء في واقعنا‎

في ظل التعقيدات التي تعايشها المرأة المعاصرة جراء العوامل العديدة التي طرأت على مشهد تعليمها وعلاقاتها وطاقاتها المختلفة، وهو بكل تأكيد يفرض إعادة برمجة وحسابات تخط بها نحو التألق والنجاح، متمسكة بمنظومة القيم والآداب التي تكسوها حلل الإيمان والعفة، ولا تشكل هذه القراءة التشجيعية أي عائق نحو تحصيلها العلوم المتنوعة والتخصص الجامعي والدراسات العليا والدور أو العمل الذي تتقنه ويناسبها، دون أن تخسر أي شيء من الجوانب المضيئة في شخصيتها وعطائها كامرأة.

والانفتاح على سيرة العظماء اللائي سجلوا عطاءهم وسيرتهم بأحرف ذهبية بحثا وتمعنا وتطبيقا يهبنا معرفة ويكسبنا تجربة، فالقرآن الكريم والعقل الواعي يدعوان لاقتفاء الآثار الحسنة لمن تسنموا أعلى درجات الرقي والكمال، ونحن أمام سيرة سيدة نساء العالمين نتعمق في فكرها وكلماتها النيرة وأسلوب إدارة وقتها وعلاقتها بخالقها وأسرتها ومحيطها الاجتماعي من حولها، إذ تلقى الجميع منها أنوار البصيرة والعطاء في أحلك الظروف وأقساها، والدور الرسالي الذي نهضت به متحملة كل الأعباء والمتاعب حري بنا أن نقتدي به، ونجعل حياتها الشريفة في كل تفاصيلها دستورا عباديا وثقافيا وأخلاقيا واجتماعيا نلتزم به فكرا وعملا.

ففي محيطها الأسري هي تلك الريحانة التي تمنح الطاقة الروحية والنفسية الإيجابية، فقد شعت أنوار السلام والطمأنينة والمحبة بين جدران بيتها المتواضع، فمفهوم السعادة الذي أعطته الزهراء ألقا ووضوحا هو روح العطاء والتخلص من ربقة الأنانية والعمل على إسعاد الآخر، فشهادة أمير المؤمنين التي ينفي فيها تكدره أو لقيا نكد منها ، شهادة تكشف عن عصمتها ورقي أخلاقها الأسرية، فجدير بنا ونحن نبحث عن السعادة الزوجية أن نقتدي بها في تعاملنا مع شريك الحياة بوجه بشه يرفع عن الجميع أجواء الكآبة والهم.

ولكم كان وقع كلماتها الرقيقة لأبنائها «يا قرة عيني» على قلوبهم فتدثرهم حنانا وعطفا، فالتربية بالحب والاحترام والاهتمام هي المنهج القديم والحديث الذي يمكن من خلاله زرع القيم وتثبيتها.

ومن يتذمر ويتشكى من صعوبات الحياة والضغوط النفسية التي يعاني منها، متخذا منها ذريعة وعذرا لضعف همته وتخليه عن مسئولية إثبات وجوده، فلينظر لحياة الزهراء والتي عملت وثابرت في ظروف حياتية صعبة، والتي لم تمنعها أو تؤثر عليها سلبا، بل كانت منهجية الصبر وتحمل المتاعب وشق طريق العمل والتبليغ مسارها تزيح عنه أحجار العثر، وتدثرت بالتضحية في سبيل الآخر ورفع الهم عنه؛ لتثبت لنا أننا سواء كنا رجالا أو نساء حقيقون بالمثابرة والاجتهاد والحضور القوي في ميادين التعليم والعمل، فلنتخذ منهجها همة وأملا وطموحا في مشاركة حقيقية لمستقبل واعد وزاهر، نكون جزءا في منظومته الإنجازية والإبداعية وعمارة أرض الله تعالى بالفكر الواعي والعمل المنتج، راقضين الهوان والخنوع لأي تحديات مهما بلغت.

جامعة الزهراء نتعلم فيها أهم دروس العزة والثقة بالنفس والعزم الأكيد على رغم كل المشاكل متجاوزينها بشموخ وتحقيق انتصار في كل مرحلة.