آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:09 م

التضبيط الانتقائي: أخلاقيات تحت المجهر

المهندس أمير الصالح *

في عالم الرياضة الفردية «تنس، ملاكمة» بشكل خاص والرياضة الجماعية بشكل عام يزداد رواج مفهوم التضبيط الاستباقي Match fixation. مصطلح التضبيط الاستباقي هو باختصار يُطلق على وصف عملية اتفاق مبرم مسبقا على النتائج وبعض التفاصيل لاحداث مباراة بين الاطراف المتسابقة، وتكون جملة الرهانات المالية المعقودة خارج صالة المسابقة الرياضية ومجموع المكاسب المالية يشارك في حصتها المتسابقون انفسهم. اشهر قضية تم تسجيلها حديثا ابطالها بعض لاعبو كرة التنس المحترفون عالميا كما نقلت ذلك اذاعة BBC وتقارير صحفية عديدة، وهذا المفهوم الطافح على السطح في ساحة الرياضة الفردية منتشر التداول ويندرج تحت بنود الجرائم الاخلاقية والمالية التي تخضع لقوانين المحاسبة الصارمة في معظم دول العالم المتقدم والديمقراطي. ونفس الممارسة اي الاتفاق المسبق او المحاصصة تعقد في نطاقات اخرى غير انشطة الرياضة ك تضبيط علاوة موظف على حساب زملاءه او ترقية موظف على حساب الاكفأ منه. وهذا اللون من التلاعب يستطيع ان يكشفه مبكرا اصحاب الخبرة والنظرة الثاقبة والتحليل النوعي، وهم قليل من الناس.

في سوقنا المحلي، لاحظت بان بعض البقالات والسوبرماركت يكون فيها معظم منتجات الحليب او الالبان الموردة لهم على شفا انتهاء تاريخ الصلاحية. في العادة، حجب نفسي عن الشراء وانبه المحاسب ثم انصرف لـ مركز تجاري مجاور او خارج الحي لاجلب علبة حليب او علبة لبن ذات تاريخ انتاج جديد. مع كثرة وقوع تسجيل هكذا ملاحظات في البقالة التي تتوسط الحي السكني الذي أقطنه، اخبرت ونبهت صاحب البقالة بان مورد الحليب واللبن قد يسعى لتنفير زبائنه، ثم استرسلت بالقول، وقد يكون ذاك العمل تم الاقدام عليه من قبل الموزع على اساس اتفاق مسبق بين الموزع وصاحب بقالة منافس في الجوار او بغير قصد وعليك التحقق، وهذا النوع من الممارسة نشاهد ممارسته في مواقع العمل بالشركات حيث نشاهد بعض المدراء المسؤولين يسعون بجد في تهميش بعض الكفاءات الوطنية من خلال عدم إناطة اي اعمال مهمة لهم حتى يصبح ذو الكفاءات خارج دائرة الضوء وصنع الحدث؛ وفي ذات الوقت يسعى ذات المدراء في تلميع موظفين اخرين محددين ذوي كفاءة اقل او منعدمي الكفاءة بهدف أعدادهم لمناصب ادارية اعلى ويكونوا ضمن فلك المدير المسؤول حتى لو غادر منصبه. وذات الفعل يتمدد ممارسوه في الجامعات والادارات والاعمال بعناوين مختلفة ك التوظيف او المناقصات او الترشيحات او التعيينات او الانتدابات.

نعم هناك الكثير من التحديات في مجال تعميق المفاهيم الجادة والسلوكيات النافعة والممارسات الهادفة والتي قد تحتاج لجهود متضافرة من الجميع والى فترات زمنية لانقاعها وتوطينها في اواسط حديثي الانتساب او الانخراط لـ سوق العمل التجاري او المهني لاسيما القيم الاخلاقية والمسؤولية الاجتماعية، مفاهيم الالتزام والخدمة دونما اذى، وحسن المعاملة، وبشاشة الوجه، واخلاقيات العمل، والمصداقية والوفاء والامانة وفهم الألآعيب والخدع التجارية والثغرات في العقود وتوظيف السذاجة والتغرير بقليلي الخبرة والتظليل العمدي واستحلاب العاطفيين وسياسة القطيع وتأطير الخيرات حزم فكرية تحتاج الى وعي لاستيعاب وفك آليات التطبيق المعمول بها في محيط العمل وتجنب الوقوع في فخاخ الساقط منها.

على سبيل المثال، التطفيش الوظيفي يقوم به بعض من المقيمين او المواطنين منعدمي الاخلاق المهنية او الانانيين من خلال افتعال حوادث لـ التشهير المفرط او التصييد في الهفوات وتضخيمها او المزاحمة او التضبيط الانتقائي عند التوزيع او التوريد او التعيين او التحصيل او الترقية. فمثلا، في الشأن التجاري، وقفت على مجموعة قصص واقعية لمشاهد مضايقة بعض من بني البشر لـ بعض من المواطنبن والمواطنات.

وإن كانت تلكم الاصناف البشرية من منعدمي الضمائر والحياء قلة قليلة، الا انها تعطل اهداف ومصالح كبيرة وتقف حجر عثرة في بروز الكوادر العملية الناجحة؛ وتحول دون انخراط معظم ابناء الوطن في سوق العمل الحر أو الانشطة التجارية المربحة. ونهمس في اذن الشباب الطموح بالقول، الانجاز هو ناتج بناء المهارة وتوظيف الجهد ف لكي تنجز وتبرز لا بد ان تصقل مهاراتك وتخوض تجاربك بيدك من خلال جهدك. فيا اخي الشاب لا تُحبط بعوامل التطفيش او التطنيش او التضبيط الذي قد يمارسه الغير في حقك يوما ما واسعى دائما الى دوام صقل المهارات وبذل الجهد، فيوما ما سيكون لك انجازات الكل يشير لها بالبنان.

وأشكر شخصيا كل من يحمى الوطن والمواطنين باحياء تكافؤ الفرص للجميع وبفضح كل من يمارس التضبيط الانتقائي match fixation.