آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 12:26 م

ليالي الوفاء الدافئة

الدكتورة زينب إبراهيم الخضيري * صحيفة الرياض

كانت بادرة تكريم الرواد والتعريف بهم للجيل الجديد قفزة تحسب لجمعية الثقافة والفنون، فقد انطلق الأسبوع الماضي أسبوع الوفاء وتم تكريم 16 مثقفاً من جميع أنحاء المملكة، وكان لي شرف المشاركة بهذه الاحتفالية والحديث عن الأديب الراحل عبدالكريم الجهيمان، فهو إحدى الشخصيات التي ناضلت، فقد درس في مدرسة الحياة، وتثقف في أكاديمية الكفاح، كان فكره التقدمي هو ما يلح عليه ليستمر ويعطي، طوال مسيرته كان يقاوم جمود وظلام الجهل المسيطر على العقول، رسم لنا عبدالكريم المثقف على مر السنوات تاريخاً من الثقافة والفكر والأدب، وعلى وقع تناغم أفكاره ورؤاه، والذي نقل في داخلها الوعي في مواجهة السائد من أجل عالم ممكن ومتغير يراه الجهيمان حسب رؤيته التي كان يقاوم فيها ظلام الأفكار ووحشة الجهل.

كان ينبري الجهيمان ليؤكد أهمية التغيير والتقدم في المجتمع، هذا في وقت كان فيه فرض التغيير في مواجهة الجهل والتخلف ضرورة وواجباً، وهذا ما ميز عبدالكريم الجهيمان في نضاله وفكره التقدمي، والذي ميزه أكثر هو دفاعه عن المرأة الذي لم ينطفئ فتيله، والذي جعلنا اليوم نتذكر ونعيد التحية له ولكل من ساهم في خوض معركة النضال ضد الجهل. فقد كانت لديه رؤية ألهمته للإنصات لدبيب حركة المجتمع نحو المستقبل رغم صعوبة الطريق، فلم تكن كتاباته ومناشداته تتوقف، ولم يترك شيئاً يخص الوعي والعدل والتقدم إلا وكتب عنه، لذلك لم تكن مطالبات الجهيمان لتعليم المرأة أسوة بأخيها الرجل إلا استكمالاً لمشروعه التنويري، فالمرأة لم تكن في حياته شيئاً هامشياً بل كان مؤمناً بقدراتها.

وفي هذه المرحلة من مراحل تطور المملكة تؤدي المرأة دوراً مهماً في مسيرة التنمية، فتنمية بلا وجود المرأة هي تنمية بلا معنى.

إن واقع المرأة قد تطور تبعاً للتغيرات الاجتماعية وبعض القانونية الممنوحة لها، وكل موضوع له جذور، وفي مسيرة الجهيمان كان له مواقف كثيرة من تعليم المرأة، وقبل كل شيء الإشادة واجبة بجهده وصبره ودأبه في نشر العلم والوعي، فقد كان صوتاً يصرخ في وجه المجتمع لإيقاظ روح الوعي فيه، ولم يكن هناك صوت آخر يساند الجهيمان في تلك المرحلة من أجل المطالبة بتعليم المرأة فقد كان المجتمع في ذلك الوقت لا يعي معنى أن تكون المرأة متعلمة، فلم يكن في تلك الفترة مدارس لتعليم الفتاة، ولأن الجهيمان كان مطلعاً على الآخر من خلال رحلاته المتعددة حيث زار مدناً كثيرة وتعرض لتجارب مختلفة مما ساعده في تكوين صورة للمرأة من منظور آخر، وقبلها كان فضل والدته عليه في تعليمه وتقويته ودفعه لاحترام المرأة من خلال صورتها في ذهنه، إلا أن قضية تعليم الفتيات السعوديات كانت أحد الهواجس التي تقض مضجعه، فكيف لإنسان أن يتحمل الإيقاف والسجن بسبب حق يرى أنه أبسط مقومات الحياة، فتعليم المرأة سينهض بالمجتمع فهي ”نصف المجتمع وتلد النصف الآخر“. فقد كان يناضل من أجل إعادة النظر في جانب تعليم المرأة، الجانب الملتبس والمتناقض في فكر المجتمع ومشاعره في ذلك الوقت. فشكراً له على كل ما قدمه وجعله الله في ميزان حسناته وغفر الله له ولموتى المسلمين.