آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

”بر الوالدين“.. تكريس القيم

محمد أحمد التاروتي *

استطاعت مبادرة ”بر الوالدين“، حجز مساحة مناسبة في المجتمع، بالرغم من حداثة عمرها الذي لا يتجاوز بضع سنوات، فهذه المبادرة تمثل قيمة اسلامية وانسانية، نظرا لما تحمل من معاني سامية، لتكريس مبدأ رد جزء يسير، من جميل الآباء تجاه الابناء، الامر الذي يفرض تخصيص مناسبة، للتذكير بحقوق الوالدين تجاه الابناء، فالرابطة الدينية والاخلاقية تجاه الاباء، لا تنقطع بمجرد انتقالهم الى الدار الآخرة، وبالتالي فان الابناء قادرون على تخليد ذكرى الاباء عبر العديد من الاعمال.

تخصيص احد الايام للاحتفاء بالوالدين، يهدف للتذكير بالفضل الكبير للآباء، وإيصال رسالة واضحة، مفادها الاحساس بحجم المعاناة والتضحيات الجسام، التي يقدمها الاباء في سبيل تربية، وتأمين كافة متطلبات الحياة منذ الولادة للابناء، مما يستدعي تحريك الشعور الانساني باتجاه مبادلة تلك التضحيات بنوع من الوفاء، خصوصا وان البعض بحاجة مستمرة للتذكير لإزالة الغفلة عن القلوب، وعدم الانسياق وراء نكران الجميل، من خلال بعض الممارسات غير الاخلاقية، والبعيدة عن القيم الاسلامية، وبالتالي فان مبادرة ”بر الوالدين“ تدخل ضمن سياق تصحيح بعض المسارات الخاطئة، الصادرة من البعض تجاه الاباء، تارة عن سابق اصرار عبر الجحود والهجران، وتارة بدون وعي نتيجة التحولات العصرية، والركض وراء المشاغل الحياتية.

اتساع دائرة الاهتمام بمبادرة ”بر الوالدين“، يعكس القدرة الكبيرة للجهات القائمة على تجذيرها في وجدان المجتمع، من خلال إيصال الرسالة السامية للمبادرة خلال السنوات القليلة الماضية، الامر الذي تمثل في التفاعل الكبير، والانتشار العمودي والأفقي في البيئة الاجتماعية، مما يساعد في الاستمرار في وضع العديد من البرامج، لابقاء شعلة المبادرة متقدة خلال السنوات القادمة، خصوصا وان الابتكار يولد حالة من الاستجابة الدائمة لاستقطاب المزيد من الاهتمام، فيما يحدث التكرار نوعا من الجمود والخمول في النفوس، وبالتالي فان التجديد المستمر يعيد الروح الشبابية للمبادرة على الدوام.

الانسجام الكبير، وتحديد الاهداف الواضحة، لرسالة ”بر الوالدين“، منذ اللحظات الاولى لإطلاقها، وكذلك التفاعل الايجابي من لدن الشخصيات المختلفة، وانخراط المرجعيات الدينية والاجتماعية، عوامل اساسية في القدرة الكبيرة على الاختراق الواسع للمبادرة، فهذه العناصر شكلت قالبا متجانسا للوصول الى مختلف الشرائح الاجتماعية، الامر الذي ساهم في اظهار المبادرة بالشكل المطلوب، في جميع المناطق المستهدفة، مما يعطي انطباعات ايجابية بمحاكاة الجانب المضيء في النفوس، لاسيما وان ”بر الوالدين“ من القيم الاسلامية، التي تستوجب التكريس في جميع الاحوال، باعتباره واجب ديني يستلزم التطبيق ”وَقَضَى? رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ? إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا“، وبالتالي فان مبادرة ”بر الوالدين“ تمثل بذرة خير تتطلب بالرعاية الكاملة، نظرا لما تمثله من عطاء اخلاقي على المجتمع.

مبادرة ”بر الوالدين“ ظاهرة ايجابية، وجدت الكثير من الاحتضان من لدن المجتمع، حيث استطاعت خلال سنوات قليلة وضع المعايير الاخلاقية في التعاطي مع الاباء، من خلال التفاعل الكبير مع البرامج المتضمنة في المبادرة، فالتفاعل لا يقتصر على اجيال محددة او جنس معين، وإنما يشمل العديد من الاجيال، مما يعكس نظرة ايجابية لحفظ كرامة الاباء، وعدم نسيان حقوقهم، المنصوص عليها في الشريعة الاسلامية.

كاتب صحفي