آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 7:06 م

الشباب والعلم والدين الاسلامي

حسين عبدالعزيز النزر

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد بن عبدالله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين وعلى كل من اتبع هداه إلى يوم الدين.

لدينا جيل من الشباب الواعي والمتعلم من الجنسين، وأيضاً بينهم من هو متسلح بالعلم وبدرجات علمية مرموقة. وهذا بحد ذاته ثروة هائلة للبلد وللمجتمعات، ونطمع أن يتمكن الكثير منهم من تحصيل العلم أكثر وأكثر ليكونوا أخصائيين وباحثين. فنحن بحاجة لهم لكي يطوروا ويساعدوا في تحسين الأداء على جميع المستويات، وأيضاً الرقي بمجتمعاتنا نحو الأفضل.

الشباب المتسلح بالعلم ثروة كبيرة لأي بلد في العالم لأن الشباب هم المستقبل وهم من سيقع على عاتقهم إكمال ما بدأه الأجداد في مسيرة بلادنا الحبيبة نحو الأفضل بعلومهم وهمتهم، ونحو التميز. لأنه بدون التقدم على جميع الأصعدة قد نجد أنفسنا في يومٍ ما لازلنا نصارع للبقاء بينما الأمم الأخرى تتقدم، بل تتقدم بخطوات سريعة ولابد لنا ليس اللحاق بهم بل أملنا أن نتقدم عليهم أو على الأقل نحجز لنا موقعاً بين النخبة.

إلا أن هناك من يسعى إلى تشتيت أفكار الشباب وخلق صراع فكري أو ديني لخلق نوع من أنواع الفوضى وإشغال العقول بما يشتت طاقاتهم الفكرية في عدة قضايا قد تستهلك قدراً كبيراً من طاقات شبابنا.

وأيضاً للإنصاف هناك من لا يتفق مع هذا الطرح ويقول أن هذا الكلام يقع تحت نظرية المؤامرة وقد تشدق بها أناس كثر وماهي إلا أداة لتخدير العقول اتجاه هدف ما أو ربما عدة أهداف في نفس الوقت.

في الآونة الأخيرة ومع تقدم وسائل التواصل الاجتماعي والسرعة في تطور الإنترنت أصبحت النقاشات وبطريقة ما وكأن هناك صراع ما بين البعض من المتعلمين والمتدينين يتمحور حول الدين ودور الدين وإلى أمور أخرى ليس لها حدود منطقية، بل وصل الأمر بالبعض إلى الدعوة الى الإلحاد بطريقة أو بأخرى ولو أن ذلك ليس بشكل مباشر.

نعم فعلياً يوجد لدينا بعض الملحدين الذين لا يعتقدون بأي ديانة لكنني في الحقيقة لا أملك إحصائية بعددهم ولا أعرف طريقة للحصول عليها لأسباب عدة، ومن ضمنها أن البعض منهم لازال متخفٍ تحت ستار الدين ولكن نقاشاته بطريقة ما توحي أنه يسعى إلى التشكيك في الدين وعلماء الدين وكل شيء متعلق بالدين وكأننا في حرب تدار على الإسلام ولكن من أبناء جلدتنا.

الغريب في الأمر أن تجدهم بطريقة أو أخرى يربطون علماء الدين والإسلام وكأنهم جسد واحد وهذا خلط عجيب!!.

والسؤال: هل كل رجال الدين الإسلامي يمثلون الإسلام بالطريقة المثلى؟

الجواب: بالطبع كلا لأن ليس كل علماء الدين متمكنين فعليا من الدين أو فهموا وأبدعوا في الدين الإسلامي، وحالهم حال أي ديانة أخرى.

نجد فيهم الورع التقي المجتهد ونجد فيهم من ليس كذلك وأولاً وأخيراً هؤلاء أو غيرهم ليسوا معصومين من الخطأ.

إن رحلة وأهداف التشكيك في الدين الإسلامي لم تبدأ اليوم ولا بالأمس بل هي منذ عدة قرون ولكن ظهورها في هذا العصر أصبح أكثر وضوحاً وانتشاراً بسبب التطور الهائل في وسائل التواصل والإنترنت وتقنيات تبادل المعلومات بوجه عام.

نعم هناك أخطاء ارتكبت ممن يحسبون على رجال الدين أو حتى ابناء كبار العلماء وهذا ساعد على الإتجاه نحو هذا النقاش الدائر، وأيضا التشدد في الدين لايقل خطراً من هؤلاء الذين يتصيدون أي خطأ للنيل من الدين الإسلامي وفي نظري القاصر كلاهما يصبان في إتجاه واحد ألا وهو التنفير من الدين الإسلامي ولكن كل له أدواته.

إدراج مسائل تتعلق بالدين والثوابت أو التشكيك في أفكار معينة هي خير وسيلة لمهمة تشتيت الأفكار، بل أثبتت أن الصراعات الدينية والتي تتعلق بالعقيدة وعلى مدى التاريخ أنها أفضل وأسهل وسيلة قد يستغلها أعداء الوطن وقد يكون البعض يسلك هذا الطريق الوعر بدون إدراك خطورة العبث بهكذا أمور.

وهذا لايعني الجميع، بل قد نجد أن هناك من له من الأساس مهمة في هذه اللعبة الخطرة، بل قد يكون للبعض دور فعال - نسأل الله سبحانه - أن يكفينا شرور الأعداء سواء كانوا من الخارج أو الداخل.

التحاور والنقاش الفكري مطلب وحرية متاحة هذا لا غبار عليه بل هو اثراء وتبادل للافكار، ولكن أن يأتي من يشكك في الدين على أساس أشخاص معينين سواء كانوا مشائخ أو علماء ويستدل بهكذا أمور لا أعتقد أن هذا الشخص سلك مسلكاً يؤدي إلى نتائج لأن حقيقة الأمر الدين شيء ومن يمثلونه شيء آخر.

البعض من هؤلاء يستدل أو خلفيته للانتقاد هو العلم وماتوصل له العلماء سواء في الماضي أو الحاضر ولكن هؤلاء ربما ليس لديهم اطلاع كافٍ او ربما يتجاهلون بأن العلم يعتمد على التجارب ومعطيات قد تكون صحيحة أو فرضيات تبنى ومن ثم تعمل البحوث في هذا الإتجاه أو ذاك. وإلى الآن في عصرنا الحالي ليست كل العلوم والنظريات صحيحة مائة بالمائة بل هناك نظريات واختراعات تمت بالصدفة اي ان البحث لشيء ما ولكن اكتشف شيء اخر.

فنجد مايسمى في بعض المصطلحات العلم القديم وماكان حقائق علمية، ومنها التساؤلات والنظريات، من يتحرك ومن لايتحرك في هذا الكون، ومايدور في المادة وتزامن الأحداث سواء كانت في الأرض أو الكواكب الأخرى، وكيف نحن نرى الألوان، هل ما نراه أبيضاً هو أبيض حقاً؟ وهل المخلوقات الأخرى ترى ما نراه؟

ونظريات كثيرة أغلبها قد عدلت او انهارت.

والإنهيار الأكبر حصل بسبب بروز العالم المعروف انشتاين، فالعلوم ماقبل آينشتاين ليست كما بعده، وكذلك العلماء الآخرين تطورت عندهم سبل البحث وأدواته، وما كان يطلق عليه في وقت من الأوقات يقيناً أصبح ليس كذلك.

فالعلم يتطور ولا أحد يزعم أن كل الحقائق قد استنتجت وعرفت إلا البعض الذين هم في الحقيقة لا يجيدون القراءة ولايجيدون ربط الأمور ببعضها بشكل تراكمي وعقلاني. وهذا النوع موجود في الزمن الماضي وفي زمننا هذا.

نعم آينشتاين بنظرياته وأبحاثه قد سدد الضربة القاضية للعلم القديم ونظريته التي غيرت الصورة الموضوعية للعالم «النظرية النسبية» سنة 1905م.

بل كان القراء العاديون وحتى بعض العلماء لايقتربون للخوض في هذه النظرية إما خوفاً أو ليس لديهم القدرة حينها على فهم كل مايتعلق بها. بل قيل حينها أن من يفهم هذه النظرية في العالم لايزيد عن العشرة أشخاص ومن المختصين وليس العامة.

لكن الشيء الثابت أنه بسبب نظرية انشتاين وماترتب عليها ظهرت القنبلة النووية، إذ حينها لم تصبح نظرية فقط بل أصبحت وتحولت إلى تطبيقات خطيرة تمس حياة البشر. نعم خرجت من حيز الفرضيات والمعادلات الرياضية إلى واقع رهيب.

كم عدد الأنفس التي أزهقت بسبب استخدام القنبلة النووية؟

الجواب إنها أعداد مهولة بمئات الآلاف قتلوا في يوم واحد، فالنظرية تحولت وأنتجت عملياً وذلك باستخدام القنبلة النووية عام 1945م أدى إلى مقتل عدد كبير من البشر في يوم واحد.

وقد تعددت المحاولات لتبسيط نظرية آينشتاين من بعض العلماء أمثال «أدنقتون» و«جيميس جينز» وغيرهم.

إذن من يحاولون أن يشككون بالدين الإسلامي بناءً على نظريات وتطبيقات العلوم وما توصل له العلم نقول لهم الحقيقة أننا لا نعلم أن كل ما توصل إليه العلم إلى اليوم ثابت فقد يخرج لنا عالم مثل آينشتاين وينسف العلوم الحالية بنظرية جديدة ومسار جديد كما نسفت نظرية آينشتاين حينها ماكان يقيناً علمياً لا يُشك فيه. وآخر أبحاثه في عام 1949م عن قانون واحد يفسر به كل علاقات الكون.

وحقيقة الأمر أن النظرية النسبية ليست كلها معادلات وإنما لها جوانب فلسفية. ونجد القرآن الكريم يقولها لنا صراحة بخصوص العلم.

”وما أوتيتم من العلم إلا قليلا“.

والقرآن الكريم وما يحتويه أذهل العقول بمعلومات وصلت دقتها المتناهية إلى السؤال المنطقي أيعقل أن كتاباً نزل قبل 1400 سنة يخبر بتفاصيل لم تكتشف إلا مؤخراً!! نحن ومن يعتقدون بالإسلام ديناً وبمحمدٍ ﷺ نبياً نقول:نعم يعقل. لأن ما يوجد في كتابنا ليس من البشر بل هو وحي من الله سبحانه وتعالى.

ودعوني هنا أذكر إعجازين فقط للقرآن الكريم والا هناك الكثير لمن يريد ان يبحث، ومفهوم الإعجاز العلمي يشير إلى الحقائق التي تحدث عنها القرآن الكريم، وأثبتها العلم الحديث بتجاربه وبحوثه واستدل عليها.

المعجزة الأولى قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ».

وقوله تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ».

لم يسبق القرآن الكريم في هذا التفصيل الدقيق قبل أكثر من 1400 سنة أي أحدٍ حتى ممن يزعمون بأن هذه المعلومات كانت متوفرة قبل الإسلام في الكتب السماوية التي نزلت على الأنبياء والمرسلين سلام الله عليهم أجمعين لم تعطِ تفاصيل بدقة ما أتى به القرآن الكريم.

وحتى من يزعمون بأن المعلومات قد ذكرت قبل القرآن الكريم ب 500 سنة أقل أو أكثر إنما حاولوا جاهدين دحض المعلومة القرآنية بطرق ملتوية وزعم مؤلفات وربطها بطريقة أو أخرى بحضارات أمم سابقة لم يوفقوا لذلك لأن حقيقة الأمر أن البعض منها لم يوجد إلا بعد الإسلام بعشرات أو مئات السنوات.

المعجزة الثانية قوله تعالى: «مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ»

اكتشاف الخط الأبيض الدقيق الذي يتكون نتيجة التقاء مياه بحرين ببعضهما كان ذكر في الآيتين قبل أكثر من 1400 سنة ولم يتم اكتشاف هذا علمياً إلا مؤخراً.

هل سبق القرآن بهذه المعلومة الدقيقة أي أحد؟ إنه الإعجاز وإنه القرآن الكريم الذي إلى يومنا هذا فيه الكثير الكثير الذي نجهله ولكن القرآن الكريم يثبت على مدى العصور كيف يلجم ألسنة من يحاربونه بأنه كتاب إلهي مقدس لكل العصور.

لذلك ايها الشباب عليكم بالقراءة والبحث والتقصي عن دينكم حتى لاتكونو فريسة سهلة للمشككين ومن لهم اهداف. لان بدون علم وبدون دراية وثقافة سيبهرونكم ببعض الحجج الواهية ولكن ستعرفون انها واهية ولاقيمة لها بالعلم والاطلاع والتسلح بالقراءة حينها ستكونون في نقاش يدار لكم الكلمة العليا وبالادلة والبراهين.

إليكم الآن بعض من تحولوا إلى الإسلام، البعض منهم علماء والبعض رجال دين وأساتذة في الجامعات ولا يسعني أن أذكر الجميع ولكني أكتفي بالإشارة إلى البعض منهم:

  • آن صوفي رولد: بروفسورة سويدية في الأديان المقارنة، وباحثة.
  • روجيه جارودي: فيلسوف فرنسي.
  • مارتن لينجز: أديب وفيلسوف إنجليزي.
  • عبدالحكيم مراد: أستاذ جامعي بريطاني دخل الإسلام وله العديد من الكتب والمؤلفات والترجمات الإسلامية.
  • جيفري لانج: بروفيسور رياضيات وأستاذ جامعي في جامعة كنساس.
  • السموأل يحيى: يهودي عالم توراة أسلم وألف «إفحام اليهود».
  • عبدالأحد عمر: كان مبشراً ومنصّراً وواعظاً كندياً في الكنيسة وبعدها تحول إلى الإسلام، وكان اسمه قبل الإسلام جاري ميلر أو غاري ميل.

ختاماً أسأل الله أن يكون مقالي هذا خفيفاً عليكم حاولت جاهداً تبسيطه قدر المستطاع مع العلم أنني غير متمكن من اللغة العربية ولكن أسأل الله أن ينال استحسانكم.