آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

جاسيندا أرديرن موقف رافض للإرهاب

ليلى الزاهر *

من عمق الجريمة صنعتْ موقفا إنسانيا تخطّى جميع شبكات التواصل لتجد أثره في قلوب الناس.

فتحتْ جبهة سلام تمحو بها آثار موجة الإرهاب التي عصفت ببلدتها الهادئة.

إنها رئيسة وزراء نيوزلندا جاسيندا أرديرن التي مازالت تتفقد الجالية المسلمة في نيوزلندا حتى بعد مرور أسبوعين من الحادث المؤلم الذي طال مسجدين في مدينة كرايست شيرش بنيوزلندا وخلّف قتل العشرات من الأبرياء كمحصّلة خطيرة للإرهاب في بلد لم يعرف شعبه سوى السلام حاضنا له.

جاسيندا عند تأديتها لليمين الدستورية إبّان تقلّدها منصبها الحالي منْهجتْ أهدافها بإنسانية، لقد طالبت بالحد من فقر الأطفال وزيادة الحد الأدنى للأجور والتصدّي لتغيير المناخ ومطالب عديدة تمسّ جانب التغيير للأفضل.

وعندما وقعت مجزرة المسجدين أعادت جاسيندا شحن بطاريتها مجددا وتبنّت ما حدث بشكل رافض للإرهاب وأهله. لم تنهر جدران قوتها وإنما واجهت بصرامة هذا الحدث برْهَنت من خلاله أنها من معتنقي الإيجابية المتطورة في التعامل مع المواقف. وبذكاء اجتماعي اتجهتْ إلى المسلمين وهي تندد الإرهاب ولكن بعيدا عن الشكل الرتيب فقد نزلت ساحة المصابين معتذرة تارة ومتواجدة في مكان الحدث تارة أخرى تتحدث بلسان عربي حزين وكلها أسف لما حدث. كما قدّمت الدعم المالي لأسر المصابين في حرص شديد لإظهار نيوزلندا كبلد يحمل جغرافية المكان لمختلف الأجناس والأديان. فبدت أعمالها مترجمة لقرارتها الحازمة، فبعد قرارها تأمين المساجد أصدرت قانون حظر الأسلحة ذات الطابع العسكري، أعقب ذلك حملة ارتداء السيدات للحجاب تضامنا مع الإسلام في الدوائر الحكومية، وكان ارتفاع صوت الأذان في كل مكان يتواجد فيه المسلمون مؤشرا لعودة الأمان من جديد.

لقدأظهرت موقف حكومتها السلمي من خلال خطاباتها في مواقع التواصل الاجتماعي لافتة انتباه العالم بتعاملها بإيجابية مع نواتج الأحداث عندما غيرت اتجاه بوصلة الإرهاب عن بلدها، بل وجرّدت المجرم من أي مبررات لارتكابه جريمته، فليس له اسم سوى أنه إرهابي.

أما ماتمخّض عن ارتقائها منصّة التعايش السلمي نراه واضحا في اتفاق الآلاف من الناس على ترشيحها لجائزة نوبل للسلام. كما تطلع الشعب النيوزلندي للنسب المرتفعة لتسمية البنات اللاتي سوف يلدن في هذه الفترة حاملات اسم جاسيندا.

وكالبحار الهائجة التي تصنع بحارا ماهرا كذلك صنعت رئيسة وزراء نيوزلندا نفسها في تبنيها لمواقف إنسانية يعجز المخزون اللفظي عن التعبير عنها أو تصوير جمالها.