آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 2:36 م

رياح الحظ

ليالي الفرج * صحيفة الرأي السعودي

قد يتساءل كثيرون عن المقياس الحقيقي الذي يجعل أحدهم أكثر حظًا من غيره، وقد يقال إنّ الحظ له علاقة وارتباط بالنجاح أو الفشل الناجم عن الصدفة حين الشروع في عمل ما، ومن النادر أن يكون ضربة صاعقة ومدهشة في ظروفها، لكنه أقرب ما يمكن أن يُشبّه بالرياح التي تهب باستمرار ومن جهات عدّة، مع تفاوت وتغّير سرعتها، فنلحظ أحيانًا أنها تهّب بسرعة عالية، وأحيانًا تتحول هذه الرياح لنسائم هادئة.

من خلال هذا التوصيف، يبرز لنا تساؤل منطقي ألا وهو: كيف لنا أن نلتقط رياح الحظ؟

هناك ثلاث نقاط أو استراتيجيات يمكن القيام بها لبناء شراع لالتقاط رياح الحظ، الأمر الأول: هو تغيير علاقتك مع نفسك، كن على استعداد لتحمل مخاطر صغيرة أو طارئة، تخرجك من منطقة راحتك أو استقرارك الذهني، فهذه الاستراتيجية تجعل من نظرتك لأبعاد الحياة أكثر عمقًا وأبعد مدى، نلحظ ذلك في عالم الطفولة كثيرًا، على سبيل المثال لا الحصر، حين يتعلم الطفل المشي من خلال مراحل متدرجة من المخاطرة والخروج من دائرة احتواء حضن الأم نحو مساحة أكثر اتساعًا، وبديهيًا كلما تقدمنا في العمر تقل الرغبة في الخروج من مساحة الاستقرار والراحة الذهنية والجسدية، إلا حين نُدرك مقدار حاجتنا الملحّة للخروج من محيط الركود الذي يحجب عنّا الروية.

أنت محظوظ لأنك بشراع التقاط الحظ كان لك نصيب من الحظ الوفير، إذن «أنتَ محظوظ جدًا» لأن حظك هذا نتج عن سلسلة من المخاطر الصغيرة التي تجاوزتها.

النقطة الثانية: هي تغيير علاقتك بالآخرين، تأكد أن كل شخص يساعدك في رحلتك المتعلقة بتحقيق آمالك يلعب دورًا عظيمًا في تحقيق أهدافك. إذا لم تظهر التقدير، فأنت لا تُغلق حلقة مسعاك فحسب، لكنك تُنزل شراع التقاط الحظ لمستوى منخفض.

لذلك الشعور بالامتنان والتقدير للآخرين يخضع لتكتيكات نبتكرها نحنُ بأنفسنا، المهم أن نسعى لإيصال ذلك الشعور لهم بشكل صادق ودقيق، دون أن نُثقل ذواتنا بالشعور بالوهن والتراخي إن بلغنا مرحلة من الجهد والمواصلة في الطريق دون دعمهم ومساندتهم.

الاستراتيجية الثالثة: هي تغيير علاقتنا بالأفكار الجديدة. المشروعات الحديثة سواء كانت تجارية أو علمية ابتكارية أو أي نوع كانت من الأفكار القابلة للتجربة والتطبيق، ينظر معظمنا إليها على أنها لا تخرج عن تصنيفين، إما فكرة رائعة أو فكرة سيئة، لأننا نخضعها لمقاييس غير منطقية، بل نفحصها تحت مجهر الخلفية المسبقة لأفكار من صندوق الحياة، والحقيقة عكس ذلك، فالأفكار تحتاج لعدسة الاحتمالات، فبها يمكن فحصها بطريقة مجردة من خلفياتنا المسبقة والتي تؤثر في مدى تعاطينا مع الأفكار الجديدة، حتى وإن كانت ملامح الفكرة مجنونة، فبالعدسة المكبرة للاحتمالات يمكننا بناء الشراع لالتقاط رياح الحظ - إن صح التعبير - حتمًا غالبية المشروعات الناجحة والتي أخذت شعبيتها وغيرت حياة كثير من الناس، بدأها أصحابها في محيط يصف أفكارهم بالمجنونة والآيلة للفشل والانحسار، ونستقي من معين الحكمة القائلة: لنعامل الحظ كما نعامل الصحة نتمتع به إذا توفر ونصبر عليه إذا أساء.

كاتبة رأي في صحيفة الشرق السعودية
شاعرة ومهتمة بترجمة بعض النصوص الأدبية العالمية إلى العربية ، ولها عدَّة بحوث في المجال التربوي.