آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 1:48 م

الظواهر.. الجذور

محمد أحمد التاروتي *

هناك فرق شاسع بين معالجة الظواهر ومعالجة الجذور، فالتحرك الاول يهتم بالقشور ويسعى لوضع حلول سريعة كنوع من ردة الفعل، سواء نتيجة الضغوط الناجمة عن استفحال تلك الظواهر، او بسبب القصور في الالتفات لاهمية ايجاد الحلول الحقيقية، عوضا من المعالجات السريعة، بينما يركز التحرك الثاني على اللب والبحث الجاد في مسببات المشكلة، مما يقود لتحرك جميع الشرائح الفاعلة في البحث عن الحلول، خصوصا وان الحلول الجذرية تحول دون ظهورها مجددا، الامر الذي يسهم في الحفاظ على الطاقات، وعدم اهدار الوقت.

الحلول الظاهرية مرتبطة بالنظرة تجاه الاحداث، فإذا كانت النظرة سطحية وغير عميقة، فانها تبتعد عن الغوص في الأعماق، والاكتفاء ببعض الجوانب دون المعالجة الشاملة، مما ينعكس على الاليات المعتمدة في تناول القضية، وبالتالي فان النظرة تمثل المدخل الأساس في التعاطي مع القضايا، خصوصا وان سلم الاولويات يلعب دورا أساسياً، في انتهاج الوسيلة المناسبة في معالجة القضايا على اختلافها.

خلق الفرق الكفوء يمثل احد العناصر الاساسية، في طريقة المعالجة سواء كانت ظاهرية او جذرية، فالفريق الذي يمتلك قدرا كبيرا من المسؤولية، يحرص على وضع الحلول المناسبة، والسعى الدائم على إتقان العمل، الامر الذي ينعكس على طريقة التعاطي مع القضايا، وبالتالي فان معالجة الامور تتطلب ايجاد الفريق القادر على النهوض بالمسؤولية على الوجه الافضل، مما يفسر الاختلاف الكبير في طريقة المعالجة في الكثير من القضايا.

امتلاك القدرة على الاختيار الاصعب، والابتعاد عن الأساليب السهلة في تناول القضايا، امر بالغ الاهمية طريقة التعاطي في جميع مراحل المعالجات، خصوصا وان الطرق السهلة احيانا تتناول الجوانب الظاهرية، مما يحجب الرؤية عن المسببات الجوهرية، وبالتالي فان الوسائل السهلة تكون غير قادرة على المعالجة الحقيقية، جراء انعدام القدرة على رؤية الامور على حقيقتها، الامر الذي يستدعي انتهاج الأساليب الصعبة القادرة على وضع الحلول الجذرية، وتقليل الاعتماد على الحلول السريعة، نظرا لما تمثلك من خطورة على المعالجات الجذرية والحقيقية.

الخشية من الفشل تشكل احيانا عنصرا مساعدا، في طريقة معالجة القضايا، فالبعض يحرص على ايجاد الحلول الجذرية لتفادي الوقوع في مطب الفشل، الامر الذي يدفعه للبحث الدائم عن الحلول العملية، عوضا من التحرك السريع وغير الجاد، خصوصا وان المعالجات الظاهرية تترك اثارا سلبية في المجتمع في بعض الاحيان، وبالتالي فان مخاوف السقوط تبعث على المعالجة الجذرية بالدرجة الاولى، باعتبارها الخيار الاول والاخير، واستبعاد كافة الخيارات الاخرى غير العملية.

الحلول الجذرية تبقى القادرة على اجتثاث القضايا، وقطع الطريق امام عودتها مجددا، لاسيما وان المعالجات الظاهرية تمهد الطريق للعودة بأشكال مختلفة في بعض الاحيان، مما يترك اثارا وخيمة على بعض الشرائح الاجتماعية، الامر الذي يتطلب التحرك وفق رؤية واضحة تقوم على مبدأ الحلول الجذرية، باعتبارها الخيار القادر على تحريك الامور بالاتجاه السليم، بمعنى اخر، فان امتلاك القدرة على تشخيص الامور، يمثل مدخلا باتجاه انتهاج الطرق لاختيار الاليات الضرورية، للقضاء على المشاكل بشكل جذري.

كاتب صحفي