آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

مؤتمر ”بواكير تحقيق الرؤية“

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

جاملتني ظروف العمل فتمكنت من حضور اليوم الأول من مؤتمر القطاع المالي، الذي عقد في الرياض يومي الأربعاء والخميس. ورغم أن مكان سكني قريب من موقع انعقاد المؤتمر، إلا أني حرصت على الذهاب مبكرا ليس لسبب إلا لحرصي على احتساء قهوة الصباح بهدوء وسكينة. ومع أول رشفة من القهوة المفلترة جيدة الصنع، بدأت ذاكرتي وإصرار لا هوادة فيه تجلب فيه اعتذارات اللحظة الأخيرة لمؤتمر مضى. ليس من شك أن تلك الصور المرتجعة flashback أفسدت جمال اللحظة، لكن سرعان ما تلاشت بعد أن أخذ الحضور يتوافدون آحادا وزرافات، من داخل المملكة وخارجها. وعند اللحظة المقررة للافتتاح تلفت من حيث أجلس إلى الخلف، لأجد القاعة وقد ضاقت على اتساعها. واتساع القاعة هو ألفا شخص. بسب كثافة الحضور تأخر الافتتاح دقائق عما كان مقررا، بما أتاح لي فرصة أن أسرع لخارج القاعة لأعوض بكوب قهوة آخر عن ”التنغيصات“ التي صاحبت الكوب الأول. فرصة لتبادل التحايا سريعا ”على الماشي“ فيما اخترق القاعة طولا، وإذا هي مدكوكة دكا بالبشر. وما أن وصلت للردهة، حتى وجدت مئات ينتظرون، وعرفت أن هناك قاعات جانبية تتلقى بثا مباشرة لأحداث القاعة الرئيسة. القضية ليست مجرد حضور، بل حضور نوعي كذلك من مستثمرين محليين وعالميين، ولم يتحدثوا ”نظريا“، بل لهم استثمارات ومصالح واهتمام بالاقتصاد والشأن المالي.

ليس من المبالغة القول إن الربع من عام 2019 قد شهد تتابعا لسلسلة، يمكن تسميتها ”بواكير تحقيق الرؤية“، أي بداياتها. فقد استقبل اقتصادنا السعودي عام 2019 بإعلان ميزانية تريليونية ”1,106 تريليون ريال“، وبتوقعات رسمية أن ينمو الاقتصاد نموا حقيقيا معدله 2,3 في المائة متحسنا عن العام الذي سبق ”2,1 في المائة“، وأثناء الربع شاهدنا أن معدل البطالة أخذ يستقر، في علامة للسيطرة عليه، حيث تراجع هامشيا بعشر من الواحد في المائة، وما يهم هنا أن الموجة الصاعدة بدأت بالانكسار، فضلا عن الإعلان عن توظيف 45 ألف مواطن ومواطنة خلال الربع الأول من العام، إضافة إلى أن عدد المنشآت الجديدة قد ارتفع وفقا لتصريحات من الوزارات المعنية، بما يعني زيادة استثمار القطاع الخاص واتساع آفاق التوظيف للعمل في هذه المنشآت الجديدة، وما يعزز هذا الأمر ما أعلنه وزير المالية من أن تدفق الاستثمار الأجنبي قد ارتفع 28 في المائة خلال الربع الأول. ولعل هذا المؤشر كان الأكثر عنادا، حيث تشير البيانات أن تدفقات الاستثمار الأجنبي قد عانت على مدى سنوات من انخفاض يصحبه جمود. ومع كل ذلك يبقى ما أنجزه طرح سندات ”أرامكو“ على مستويات عدة بمنزلة الإعلان المدوي قوامه 100 مليار دولار يقول: إن اهتمام العالم بالاقتصاد السعودي لا يقل عن اهتمام السعودية بمساهمة العالم في تنويع اقتصادها.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى