آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

شهر ضيافة الله

محمد أحمد التاروتي *

محطة شهر رمضان قادرة على استيعاب الجميع، فلديها قدرة على تزويد الكلى بما يحتاجه من شحنات روحية وربانية، اذ بمجرد دخول شهر رمضان تبدأ الاجواء الايمانية في الظهور بشكل واضح، حيث يتجلى ذلك في ازدحام المساجد بالمصلين، كما انرالنفوس تهفو للتقرب للخالق، عبر مساعدة الفقراء، وتلاوة القرآن، وغيرها من الاعمال الحسنة.

شهر رمضان محطة سنوية وقصيرة، فالجميع ينتظره بفارغ الصبر، فهو شهر المغفرة والرضوان، ”شهر دعيتم فيه إلى ضيافة الله وجُعلتم فيه من أهل كرامة“، فالخالق الكريم فتح أبواب الرحمة والغفران لعباده في شهر رمضان، ”الشقي من حرم غفران الله فيه“، لذا فان استغلال شهر رمضان في العبادة والدعاء من الاولويات لدى المسلم، اذ تتوزع الاعمال على الصعيد الشخصي او الاجتماعي.

الاستعداد لشهر رمضان المبارك يختلف باختلاف القابليات لدى الانسان، فالبعض يمتلك القدرة على الاستفادة الكامل من الشهر الكريم، مما يؤهله لحصد الفوائد الكبيرة، من المائدة الرحمانية الممتدة طيلة 30 يوما، بحيث يخرج من الشهر برصيد روحاني كبير، لمواصلة المشوار طيلة العام، الامر الذي ينعكس على السلوكيات الشخصية والاجتماعية، وبالتالي فان محطة شهر رمضان تحدثا فرقا كبيرا، لدى هذه الفئة بشكل سنوي، نظرا لوجود القابلية القادرة على التزود من النفحات الربانية في الشهر الفضيل.

بينما تكون القابلية لدى البعض الأخر محدودة، مما ينعكس على الرصيد الروحاني، بعد انقضاء الشهر الفضيل، فهذه الشريحة تحاول استغلال الشهر الفضيل، والسعى الجاد لاحداث تغييرات جوهرية، على الصعيد الذاتي والاجتماعي، بيد ان الطريقة المستخدمة ليست قادرة على احداث تلك التحولات المطلوبة، الامر الذي ينعكس على الإطار السلوكي والاخلاقي عبر التعاملات الاجتماعية.

فيما الفريق الثالث لا يجد الحصيلة القادرة على التزود بالشحنات الروحية، نظرا للتقصير الكبير في الاستفادة، من المائدة الرحمانية المفروشة طيلة الشهر الفضيل، ”ليس له الا الجوع والعطش“، فهذا الفريق يعتبر الخاسر الاكبر من شهر الرحمة والغفران، نتيجة التعاطي غير الواعي مع افضل الشهور، مما ينعكس على المحصلة النهائية للقيم السامية لشهر الصيام، وبالتالي فان محاولة سبر أغوار مقاصد الصيام، يمثل المدخل نحو الاستفادة المثلى من شهر رمضان، فالعملية لا تقتصر على الامتناع عن الشرب والاكل، بقدر ما تهدف الى السمو بالنفس البشرية نحو الارتباط بالخالق، وزيادة جرعة العبودية للخالق، ”وَاذْكُرُوا بِجُوعِكُمْ وَعَطَشِكُمْ فِيهِ جُوعَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَعَطَشَهُ“.

طريقة التعاطي مع محطة شهر الصيام، تبقى الفصيل في حصد الكثير من المعاني الروحية، مما يترجم على شكل سلوكيات شخصية واجتماعية، لاسيما وان المرء يمتلك القدرة على احداث التغييرات، عبر الارادة الصادقة، وتوفير الاسباب القادرة على بلوغ الهدف المنشود، وبالتالي فان الطريقة التقليدية لا تحدث فرقا كبيرا، بينما اتباع الطرق غير التقليدية تكون احيانا أجدى في تحقيق المراد، بمعنى اخر، فان محاولة الخروج باكبر فائدة من المائدة الرحمانية، في شهر ضيافة الله بحاجة الى توفير القابلية، وازالة الموانع الداخلية والخارجية.

كاتب صحفي