شهر العافية: 6 - الحالة الرابعة للماء
بسم الله الرحمن الرحيم -... «29» أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ «30»... - صدق الله العظيم - الأنبياء.
منذُ أكثر من عشرين سنة، كان مدرس علوم من إحدى الجنسيات العربية في أحد المدارس الخاصة ينادي طلابه ”سلوني قبل أن تفقدوني“. ابن أخي نقل لي القضية، فقلت: ”اسأله عن الحالة الرابعة للمادة“. في اليوم التالي ابن أخي أتى وقال إن المدرس وبخه وقال لا توجد هناك حالة رابعة بالإضافة إلى الصلبة والسائلة والغازية. هو لا يعلم أن 99,99% من المادة تتكون من الحالة الرابعة، ألا وهي حالة الپلازما، وهي ليست أحد الحالات الموجودة على الأرض. كل نجوم الكون تتكون من هذه المادة التي تنفصل فيها الإلكترونات عن ذراتها فتعطي خصائص مادية مختلفة تماما. پلازما الشمس أكثر كثافة من الماء بخمسين في المئة، أي أنها أكثر ثقلا في نفس الحجم. حجم لتر من الماء يساوي 1 كغم. حجم لتر من الپلازما يساوي 1,41 كغم.
الأرض مجرد هباءة في هذا الكون الفسيح ولا تمثل أي شيء من كتلته أو حجمه. الكثير من الناس يخطئون ويقيسون الكون على ما يوجد في الأرض فقط. العلم الموجود في الأرض وبخصوصها قليل جدا «وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا». لذلك أتى النداء للناس «سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ». تكلمنا عن النفس في مقالاتنا السابقة بما يخص الدماغ وعلم النفس مع شبه استحالة الوصول إلى عِلم فيصل في الدماغ فقط وهو جزء من الإنسان. اليوم نتحدث قليلا عن الآفاق.
قبل ما يقارب 30 سنة، توقع العلماء وجود حالة رابعة للماء غير الحالات الثلاث وغير الپلازما أيضا. بالأمس وفي مجلة الطبيعة «Nature» تم إعلان التوصل إلى هذه الحالة الرابعة من خلال صعق قُطَيْرةٍ من الماء بليزر قوي في أحد المختبرات في ولاية نيويورك «Laser Energetics in Brighton، New York». هذه الصعقة رفعت الضغط على الماء ملايين المرات أكثر من الضغط الجوي كما صعّدت الحرارة إلى الآلاف من الدرجات. تم تصوير اللحظة بالأشعة السينية لكي يتسنى رؤية تغير طبيعة الماء في هذه الظروف.
الأشعة بينت الخافي، فبدلا من أن يتحول الماء إلى غاز أو سائل شديد الحرارة، فجأة تحول إلى حالة بلورية صلبة «crystalline ice» بصفات فيزيائية مختلفة عن الثلج وفي هيئة أيونية «superionic» عالية «الأيون جُزِيء من المادة يحمل شحنة كهربائية». كان لون المادة الجديدة أسود وبدرجة حرارة عالية وبكثافة أعلى بأربع مرات من الثلج.
يظن العلماء أن معظم الماء في المجموعة الشمسية يوجد في هذه الهيئة، وبالتحديد في كوكبي أورانوس ونبتون. التوصل إلى هذه النتائج قد يحل اللغز الذي كان محيرا بخصوص هذين الكوكبين اللذين تختفي فيهما الأقطاب المتعارف عليها «الشمالية والجنوبية».
مثل الحالة الكونية الرابعة، الپلازما، التي تنفصل فيها الإلكترونات عن الذرة، في هذه المادة، تنفصل ذرات الهيدروجين عن ذرات الأكسجين حيث تشكل ذرات الهيدروجين شكل متوازي إضلاع مقارب للمكعب تحبس فيه ذرة هيدروجين بدون إلكترون؛ عندها، يكون في حالة هيجان وحركة دؤوبة ومستمر ولكنه يظل حبيسا. هذه الخاصية تجعل هذه المادة مادة جيدة لتوصيل الكهرباء إذ تعطي حركة مستمرة تعطل تكون الأقطاب؛ الحركة قرينة الحياة، ومن خصائص الكائن الحي. لتفاصيل أكثر ولرؤية صور وڨيديوهات توضح الأشكال والحركة، اذهب لرابط المصدر الموجود في الهامش.
رمضان شهر كريم لقراءة وتمعن وتدبر القرآن الكريم الذي قد يحتوي على آيات لم يتم اكتشافها بعد. فلنجهد في القرآن وآياته المباركة ولنركز أكثر ونتدبر أولا ثم نطلع على تفاسير العلماء. التفسير مفيد جدا وفاتح للآفاق ولكن قد لا يعني تماما مقصود الآية نظرا لتطور العلوم وزيادة الاكتشافات.
