آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

حرية الفعل

رجاء البوعلي * صحيفة الرأي السعودي

في ظل الحديث المكثف عن الحرية وحاجة الإنسان لها، نحتاج لتفكيك مفهوم الحرية من أجل فهم النتائج المحتملة من إتاحة هذا المجال للإنسان، فالحرية ليست «الفعل» بل «حرية الفعل»، وبالتالي قد يكون قرار عدم الفعل هو أحد تمظهرات الحرية، وهذا ما يعزز الدعوة لتحرير الإنسان من فرض الأوامر وإلغاء دوره الفردي دون وجه حق، فهل طلب الحرية دائمًا يؤدي للفعل؟

كثير من المنادين بالحريات واحترام التعددية الفكرية والتنوع الديني، لا يرتادون كثيرًا من الأماكن التي يطالبون بتوافرها، تحقيقًا لرغبة وحقوق الآخرين، فالمطالبة مثلًا بدور عبادة متعددة الانتماء لا يقتضي تحوّل مرجعية الشخص أو عدم اهتمامه بشؤون دينه، بل يُثبت استشعاره بحاجة الآخرين للمكان العبادي، والحق الكامل لممارستهم الدينية الخاصة دون إيذاء أحد، والأمر ينطبق على كل شؤون الحياة المتنوعة الأخرى، فلماذا تتعدد الخيارات؟

إن عصرنا الحالي هو عصر الحريات والتعددية والتنوع، فما لحق بالمبتعثين قبل أعوام من مواجهة حاسمة إثر صدمة ثقافية تعرضوا لها في الدول الغربية، فقدمت لهم التنوع بدون مقدمات، أخذ يزحف إلى منطقتنا الجغرافية بشكل متسارع، فصار لزامًا علينا التعاطي المباشر مع التنوع والتعددية وفهم معنى الحرية بشقيها: الفعل وعدم الفعل، شريطة أن ينطلقا من حرية شخصية.

وهذا ما يُرجعنا إلى عنوان «الحرية الفردية» التي يظن البعض للوهلة الأولى، أنها دعوة للفعل دائمًا، غير أنها دعوة لبناء ذات قدرة على الاختيار الحر والمناسب من الأفعال أو عدمها، دون إرغامات أو إملاءات، وهذا ما يفتقره المجتمع الأبوي الذي لم ينفك يلد آباءه دون إعادة نظر.

إن ما نأتي به ما هو إلا محاولة لفهم حاجة الإنسان إلى ذاته الحرة، وتحريرها من القوة الخارجية التي كانت ومازالت تقود مسيرته في الحياة، وتجعله مأسورًا لرأيها، والذي غالبًا ما يكون غير مُرضٍ للفرد، فمن المؤسف فقدان الحرية، في حين أن امتلاكها لا يعني الإضرار بل على العكس قد يخلق حالة صحية من الوعي والشفافية والانفتاح.

فمخرجات انتهاكها ومعاملة الإنسان، باعتباره ملكًا لمن هو أعلى سلطة أسرية أو اجتماعية، قد يأتي بعواقب غير محمودة.