آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 9:59 م

أمير المثقفين: التّربية ما بين الثبات والحركة

الدكتور نادر الخاطر *

في الأمس تم الإبحار في بحور الإمام علي بزوارق ما تحمله من أقلام الفكر وحصلنا على درر من بحار الإمام علي لها وزن ثقيل «لا غنى كالعقل»، واليوم نكمل رحلة التجديف في علوم بحار الإمام ونجمع الأصداف والدرر الثمينة ونستعرض بعضها ونفحص أكثر في كلمات أمير المؤمنين حول سلوكيات الفرد من التعامل والتهذيب.

الإمام علي يؤكد أن افضل ميراث يتركه الآباء إلى أبنائهم ليس المال والقصور والسيارات الفاخرة بل هو ميراث سلوكيات التهذيب ففي كلام أمير البيان الإمام علي في كتاب نهج البلاغة يقول «لا ميراث كالأدب»، لو تعمقنا في كلمات أمير المؤمنين نجد كلمات أمير المؤمنين تمثل قاعدة ثابته في منهجية الحياة الاجتماعية.

التربية للفرد تحمل شقين من الركائز الثبات «مبادئ» والحركة «وسائل»، فعلى المستوى الحركي المتجدد فالتربية تتأثر بالزمان والمكان كما في شرح ابن أبي الحديد كتاب نهج البلاغة وكتاب موسوعة الإمام علي إلى «الريشيهري» مما ينسب إلى الإمام علي قال «لا تقسروا أولادكم على آدابكم، فإنّهم مخلوقون لزمان غير زمانكم»، بينما كتاب الملل والنحل «الشهرستاني» ينسب هذا القول إلى فلاسفة اليونان «سقراط»، فالقارئ المحترف يستطيع معرفة هوية أقوال الإمام علي من غيره فليس هذا موضوعنا.

فالعادات والتقاليد الإجتماعية ربما تختلف من مجتمع إلى أخر، ومن زمان إلى آخر وأساليب التخاطب ونقل الأفكار كذلك ربما تخضع إلى الزمان والمكان على مستوى الثبات المقصود هو المبادئ والأسس التي تهدف إلى صناعة الإنسان روحياً فكرياً ويدخل في هذا النمط الثابت المنظومة الأخلاقيّة والأصول العقائديّة التي تساعد الفرد بالنهوض بمسؤولية أمام ربه والمجتمع، المبادئ تلامس الجوهر والعمق داخل الإنسان فتكون ثابتة أما الوسائل تلامس الشكل والظاهر فتكون متغيرة وخاضعة للزمان والمكان.

فيجب نحن علينا تعزيز المبادئ الثابتة إلى أبنائنا من بناء برامجها وخططها التربويّة مع مراعاة أسلوب الرزانة والمرونة في التّطبيق.

بينما نجعل المجال اكثر اكثر مرونة فهو سيد الموقف إلى ”الوسائل“ فعلينا أن نكون اكثر سهولة في ما يرتبط بتقاليد اللباس وطريقة تسريح الشعر وموضة الأزياء ولا يوجد مبرر شرعاً أو عقلا أن يكون الولد نسخة من أجداده في تقليد الوسائل

فيما يرتبط بتقاليد اللّباس والأزياء، وطريقة السكن، أو الأكل والشرب، أو غيرها من العادات.

ولا يكون شدة وغلظة في إجبار الإبن بإختيار التخصص العلمي أو الهواية التي يمارسها الأب، بعض الآباء لهم حرص شديد على الجوانب التشكيلية وإرضاء المجتمع وليس له أي اعتبار في مصلحة الولد واجبار الولد على التمسك بأمور لا تلامس المدى الجوهري الثابت.

فعلينا أن نميز بين المبادئ والوسائل فلا نكون أكثر قسوة على أبنائنا في أمور ثانوية.