آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

شهر ضيافة الله «26»

محمد أحمد التاروتي *

تفجير العلاقات الاجتماعية، واحداث جروح عميقة في النفوس، مرتبط بالسلوك الانحرافي لدى شرائح، تحاول اللعب على التناقضات وتضخيم بعض الاخطاء الصغيرة وغير المقصودة، مما يحدث نوعا من الريبة والشك لدى مختلف الفئات الاجتماعية، خصوصا وان مبدأ التحقق من صدقية المعلومات، وموثوقية النقل تكاد تكون معدومة لدى شرائح اجتماعية متعددة، مما يدفع لاتخاذ مواقف ارتجالية وانفعالية، تكون اثارها كبيرة على طبيعة الوشائج الاجتماعية.

التحرك باتجاه احداث شروخ كبيرة في العلاقات الاجتماعية، لا ينحصر في أهداف محددة او سقف مرحلي، فهناك الكثير من الغايات المرسومة وراء انتهاج هذه السلوكيات الشريرة لدى بعض الفئات البشرية، بحيث تتحرك بمعزل عن الاطراف الاخرى، من اجل تحقيق المآرب الخبيثة، بيد ان كافة التحركات تلتقي عند نقطة مشتركة، والمتمثّلة في تخريب السلم الاجتماعي، وفتح الطريق امام التناحر والاقتتال المعنوي والمادي، وبالتالي فان الحديث عن هدف محدد للتحركات المشبوهة من الصعوبة بمكان، نظرا لتوزع الأدوار واختلاف التوجهات الفكرية والشخصية.

فالبعض يتحرك بدوافع ذاتية واطماع شخصية، انطلاقا من قناعات خاصة مرتبطة بالبيئة الاجتماعية الحاكمة، بحيث تبزر على شكل مواقف متباينة تبعا للظرف الاجتماعي، مما يدفعه لمحاولة استمالة احدى الاطراف الاجتماعية على حساب الاخرين، من اجل توسيع شقة الخلاف وزرع بذور الفتنة في الوسط الاجتماعي، لاسيما وان الخلافات الداخلية تخدم مصالحه الشخصية، مما يدفعه لآثارة نار الاحقاد الاجتماعية، عبر النفخ المستمر في بعض الاخطاء، ومحاولة تضخيمها بصورة مغايرة للواقع.

الاطماع الخارجية تمثل احدى الاسباب، وراء ادخال الخصومات في البيئة الاجتماعية، فالأطراف الخارجية تحاول الدخول والسيطرة على القرار الداخلي، من خلال استمالة بعض الاطراف من جانب، وتحريك الماكنة الاعلامية من جانب اخر، بغرض احداث ارباك وزعزعة لدى المفاصل المؤثرة في القرار الاجتماعي، من خلال التشكيك في الكثير من المواقف ذات العلاقة بالقواعد الشعبية، مما يولد بعض الشكوك ونوعا من تراجع الثقة، واحداث شرخا واضحا في طبيعة العلاقات الاجتماعية، بمعنى اخر، فان الاخطار الخارجية تمثل احد الاسباب وراء تفجير العلاقات الاجتماعية، باعتبارها السبيل للامساك بزمام الامور، والحصول على موطئ قدم، لفرض السيطرة الكاملة، او شبه الكاملة على القرار الاجتماعي.

امتلاك الوعي التام والتحرك وفق منهجية واضحة المعالم، عناصر اساسية في افشال جميع الخطط المرسومة، لاحداث شروخ في جدار العلاقات الاجتماعية، فالمجتمع الواعي قادر على رسم الطريق السليم، ورفض جميع المحاولات الساعية، لزعزعة الثقة في النفوس، الامر الذي يؤسس لحالة من الاستقرار النفسي والاخلاقي، في الوقت نفسه لدى السواد الكبير من المجتمع، وبالتالي فان سلاح الوعي قادر على مواجهة الازمات الاجتماعية، وتجاوزها باقل الخسائر في اصعب الظروف، وأوقات الازمات الكبرى.

شهر رمضان يدفع باتجاه ارساء قواعد التعاضد الاجتماعي، والوقوف امام الاطماع البشرية، في تخريب العلاقات الاجتماعية، من خلال الترفع عن الامور التافهة، والارتقاء باتجاه سمو النفس، وابقاء حبل العلاقة مع مختلف الشرائح الاجتماعية ممدودا قائما، خصوصا وان الركون للأرض والاستسلام للأطماع الدنيوية، يقود لقطع حبائل الود في النفوس، مما يقود لإظهار الاحقاد والضغائن والدخول في صراعات لا تنتهي، بحيث تترك جروحا عميقة في النفوس يصعب علاجها، "واحفظوا ألسنتكم، وغُضّوا عمّا لا يحل النظر إليه أبصاركم، وعمّا لا يحل الاستماع إليه أسماعكم".

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
خادم الزهراء
[ جزية تاروت ]: 1 / 6 / 2019م - 4:21 ص
استاذنا الجميل(نتمنى لو تأتينا بموضوع عن الوجيه ومامعنى الوجيه وكما يقال في زيارة عاشوراء اللهم اجعلني وجيهاً بالحسين في الدمياطي والاخره()هل يوجد وجيه في القطيف بهذا المعنى افيدنا اذا ممكن(؟؟؟)
كاتب صحفي