آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

فطر الرؤية.. عيد الفلك

محمد أحمد التاروتي *

كالعادة انتصرت الرؤية الشرعية بالعين المجردة، على علم الفلك في إثبات هلال شوال، فبالرغم من استحالة رؤية الهلال مع تزامن غياب الهلال، قبل غروب الشمس في مناطق، وغيابه بعد دقائق قليلة من غروب الشمس، في المنطقة العربية، وفقا للبيانات الدقيقة الصادرة من علماء الفلك، الا ان صيحات علماء الفلك التي ملأت الدنيا خلال الايام الماضية، ذهبت ادراج الرياح، وذلك مع وجود اشخاص ادلوا بالشهادة برؤية الهلال، الامر الذي دفع لإعلان عيد الفطر المبارك.

هلال شوال لا يختلف عن غيره من السنوات الماضية، فالصراع ما يزال محتدما بين أنصار الفلك وفريق الرؤية الشرعية، سيبقى قائما لسنوات قادمة، نظرا لتباعد وجهات النظر، واصرار كل طرف على صوابية آرائه، وبالتالي فان الانقسام الحاصل بين رأي علم الفلك والرأي الشرعي سيكرس الواقع الحالي، الامر الذي يجعل تقريب وجهات النظر عملية صعبة، خصوصا وان كل طرف يحاول تسخير الطرف الاخر لصالحه، مما يدفع باتجاه ابقاء الوضع على حاله.

بالرغم من تكرار النقاش سنويا، بخصوص عدم صوابية رؤية الهلال، نظرا لاستحالة المشاهدة وفقا للحسابات الدقيقة لعلم الفلك، خصوصا وان العلم استطاع رصد الكثير من الحوادث الفلكية، بدقة متناهية سواء في مواقيت الصلاة او غيرها من الامور، مثل الخسوف والكسوف، فان الجانب الاخر «الرؤية الشرعية» لا يلتفت لهذه الامور باعتبارها اجتهادات قابلة للخطأ والصواب، فالعبرة في بداية الأشهر العربية تتمثل في رؤية الهلال بالعين المجردة، او بالأجهزة المكبرة، امتثالا للحديث الشريف ”صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته“.

ايجاد قنوات تواصل لفك الاشتباك، الحاصل بين علم الفلك والرؤية الشرعية، عملية مطلوبة، من اجل ايجاد آليات مناسبة للقضاء على التنازع المستمر، خصوصا وان كل طرف يمتلك من الاّراء ما يدعم موقفه تجاه الطرف الاخر، فالتعامل بعقلية الانتصار وتسجيل النقاط على الطرف المقابل، لا يخدم جميع الاطراف، بمعنى اخر، فان العلم مطلوب في جميع الاحوال، باعتباره مرشد حقيقي للقضاء على الكثير من الامور، لاسيما وان العلم بات حاكما في جميع الامور، وبالتالي فان إزاحة العلم من الإدلاء برأيه، في قضية ذات علاقة بقضية شرعية ”ظلم شديد“، مما يمهد الطريق لدخول الجهل في الامساك بزمام الامور، بالاضافة لذلك فان تسفيه الرأي الشرعي يتناقض تماما مع المصلحة العامة، لاسيما وان العلم الشرعي يتحرك وفق قواعد ثابتة، فيما يتعلق باثبات رؤية الهلال، مما يستدعي وضع ضوابط قادرة على استيعاب، علم الفلك للآراء الشرعية.

احترام وجهات النظر فيما يقول علم الفلك، وما يسطره العلم الشرعي، خطوة اساسية لرسم ارضية مشتركة، من اجل الخروج برؤية مشتركة، تسهم في انهاء القطيعة الجزئية او الكاملة، بين علم الفلك والعلم الشرعي، مما يسهم في القضاء على حالة التذبذب، والتشكيك لدى البعض، جراء التباين الحاصل في الرأي العلمي والمشاهدة بالعين المجردة، وبالتالي فان الانقسام القائم حاليا يحدث الكثير من اللغط، وحالة من الاستقرار، جراء استخدام البعض وسائل الاعلام في تفنيد آراء الطرف المقابل، بمعنى فان اللحظة التاريخية تتطلب اتخاذ قرارات مصيرية، تعيد الاعتبار للعلم ولا يهمش الرأي الشرعي.

كاتب صحفي