آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

أُتْخِمنا ديناً وشعراً!

بسام المسلمي *

بنظرة سريعة وعاجلة على حديث الناس عندنا، ستدرك حتماً أن الحديث عن الدين ورجال الدين تصدر قائمة الأحاديث كلها وخاصة بين الذكور. فالكل تقريباً يتحدث عن الدين وباسم الدين أيضاً بعلم وبغير علم. فتجد المعلم والطبيب والفلاح والميكانيكي وغيرهم يتحدث ويدافع وينافح عن الدين ورجاله، سواء كان ذلك في جوانبه التي تحتاج إلى متخصصين أو التي لا تحتاج إلى ذلك. والحديث عن الدين ورجاله بالمدح هو الحديث المندوب والمطلوب فقط. أما الحديث عن الدين بشكل تحليلي أو بشكل نقد أيجابي فهو وقوع في المحضور الذي لن يجد مرتكبه طريقة في التكفير عن ذلك أبداً. ويكفيك دليل على شغف الناس وهوسهم بالدين ورجاله والحديث عن ذلك أن أي مقالٍ ومن أي كاتبٍ يتحدث عن الدين أو أنه يحمل عنواناً فيه اسم رجل دين تجده قد حاز على أكبر نسبة ”مشاهدة“ - وليس بالضرورة ”قراءة“ طبعاً - من المقالات الآخرى «وربما يكون مقالي هذا أكبر دليل!». وما عليك إلا أن تتأمل قليلاً في كيفية تعامل الناس باختلاف طبقاتهم مع رجال الدين والمشايخ، على اختلاف مذاهبهم وأعمارهم، لتجد رائحة التقديس قد ملأت أطراف المكان حتى جعلته مقدساً أيضاً.

ثم وبعد هذا الموضوع ”الدين ورجاله“، يأتي الشعر والأدب في المرتبة الثانية «طبعاً سأستثني الموضوعات الأخرى كالرياضة وحديث المشاهير وغيرهما مما لا يصبغها الطابع العلمي بشكل واضح». فالشعر بجميع أنواعه وأصنافه يحتل حيزاً كبيراً من اهتمام الناس. فهو كان ولايزال وربما لن يزال - والله الستَّار - ديوان العرب إلي يوم يبعثون. ومهما يكن من الأمر، فمخطئ تماماً من يظن بأنني أنتقد هذا الوضع أو أندد بتلك الظاهرة. الحقيقة، إن الهدف الأساس من هذا المقال هو الإشارة إلى أننا ربما نفتقد التوازن المطلوب في الاهتمام بالمواضيع المتنوعة والتخصصات المختلفة ورجالاتهما. فالإنتاج الديني والأدبي بكل أصنافهما ملأ سماءنا وأرضنا حتى بتنا لا نرى غيره. فهذا الإنتاج لا يزال يشكل جزءاً كبيراً من البرامج التلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي وحديث الناس في كل مكان. وفي المقابل، فإنك لا تجد العدد الكافي الذي يوازن كفة الميزان الأخرى ممن تخصص في مجالات نحن في أمس الحاجة إليها كالفكر والفلسفة وربما بعض فروع العلوم البحتة.

ولعل ”سوق العمل“ واحتياجاته الحالية وقانون ”العرض والطلب“ هو السبب - مضافاً إلى أسباب أخرى طبعاً - هو السبب في احتلال هذين الموضوعين صدر المجلس والفوز فيالسباق والتنافس. ولكن - وكما أشرت - فإن ذلك ليس غايتي هنا، وإنما الغاية هي تسليط الضوء على هذا الأمر فقط ليكون ذلك دافعاً لكتَّاب آخرين ليشبعوا هذا الموضوع تحليلاً من جميع جوانبه ثم يستخلصون إيجابياته وسلبياته ثم أخيراً اكتشاف مسبباته والتعامل معها بالتحفيز أو بالتثبيط. ولعله من الطريف هنا أن يكون من ينتقد هذه الظاهرة هو أحد الشعراء حينما قال:

لوكانت تسمعني الصحراء

لطلبت إليها أن تتوقف

عن تفريخ ملايين الشعراء

وحينما قال أيضاً: لو كانت نجدٌ تسمعني

والربع الخالي يسمعني

لختمت أنا بالشمع الأحمر
سوق عكاظ!

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
باقر الشيخ علي
[ الاحساء ]: 10 / 6 / 2019م - 2:23 ص
عفوا بررت للمنتقد عدم تخصصه ولم تفعل ذلك مع المدافع وكلهما ليس صحيح نعلم ان دخول غير المتخصص يفسد أكثر ممايصلح
ولكن إذا كان لابد من تصنيف فإن المدافع يكون أقرب للفطرة السليمة ...
هذا مع هذا الفرض
ولكن
وبالعادة المدافع لا يستنتج الرأي ولكن يميل إلى صحة ماستنتجه الفقيه الذي يعتقد برجاحته وهذا الرجحان يكون مبني بالعادة على قواعد صحيحة