آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

الموقف.. الضبابية

محمد أحمد التاروتي *

استحوذت قضية ضبط كميات كبيرة من اللحوم الفاسدة، على اهتمام وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأسبوع الماضي، مما ادى لبروز بعض اسماء المطاعم كونها المسؤولة، عن تقديم هذه الأطعمة الفاسدة للمستهلك، نظرا لتحفظ الجهة الرقابية على الإفصاح عن الجهات المتورطة، في استخدام هذه النوعية من اللحوم الفاسدة، بحيث دفعت الشائعات التي غزت وسائل التواصل الاجتماعي، بعض اصحاب المطاعم لدفع التهمة، عبر نشر مقاطع فيديو لتفنيد تلك الشائعات.

هذه الحادثة تمثل مدخلا للتركيز على تجنب المنطقة ”الرمادية“، وانتهاج سياسة الشفافية والإفصاح، لنشر المعلومات الدقيقة من المصادر الرسمية، عوضا من ترك الامور مبهمة وعرضة للتكهنات، واختلاق الشائعات التي تصيب البعض بالضرر الكبير، لاسيما وان غياب المعلومة يشكل البيئة الحاضنة لانتشار الشائعات، واطلاق بعض الاسماء التي لا تمت للموضوع بصلة، مما يفرض اتخاذ النهج السليم في التعاطي مع الحوادث ذات الأثر المباشر مع المستهلك، نظرا لاهمية الشفافية والإفصاح، لقطع الطريق امام كل من يحاول الاصطياد في الماء العكر.

الموقف الصريح خطوة اساسية، لردع جميع الممارسات المخالفة، لاسيما وان الضبابية في الموقف تشجع البعض على الاستمرار، في انتهاج سياسة الاضرار بالصحة العامة، نظرا لعدم وجود اجراءات قادرة، على اعادة الامور للمسار الصحيح، فالبعض يتوارى خلف بعض الضوابط القانونية، لإعادة ارتكاب الجرائم الاخلاقية، مما يستدعي استخدام القانون كوسيلة لضبط الامور بالشكل المطلوب، لاسيما وان سلطة القانون تلعب دورا رئيسيا في وضع الجميع، على قدم المساواة في الحقوق والواجبات.

التماهي في المناطق الرمادية، ليس حلا لترجمة الجهود الجبارة على الارض، فالمستهلك بحاجة الى معلومات دقيقة، عوضا من اطلاق البيانات المبهمة، لاسيما وان الجهات الرقابية تتحمل مسؤولية نقص المعلومات، واحيانا اخفاءها عن قصد وبدون قصد، سواء لوجود محاذير قانونية، او لأسباب اخرى مختلفة، بيد ان الوضع لا يتحمل مزيدا من تغييب الحقائق عن الجمهور، وبالتالي فان المسألة بحاجة ترتيب البيت الداخلي، لانتهاج سياسة اكثر صرامة، تجاه الاضرار بالصحة العامة، خصوصا وان عواقب استخدام اللحوم الفاسدة، لا تقتصر على شريحة صغيرة، وانما أضرارها تطال الجميع، مما يقود لانتشار الامراض بصورة كبيرة، ولعلها ادناها الاصابة بالتسمم، واحيانا الاصابة بامراض خطيرة.

تجربة وزارة التجارة والاستثمار، في التشهير بالمنشآت الممارسة للغش التجاري، او التستر التجاري، تمثل انموذجا حيّا للآليات المناسبة للتعاطي، مع احدى الممارسات التجارية المخالفة، فقد انتهجت وزارة التجارة والاستثمار الشفافية، والإفصاح التام تجاه الجهات المخالفة، مما يسهم في تقليص هذه النوعية من الممارسات غير القانونية، خصوصا وان الاليات السابقة بالتحفظ على الاسماء، لم تسهم في القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة، على حياة المستهلك، مما شكل دافعا لايجاد التشهير كسيف قاطع، لمختلف انشطة الغش التجاري، او التستر التجاري.

الاستفادة من التجارب الاخرى، يثري التجربة الانسانية، فالتراكم المعرفي الانساني يفرض الاستعانة بالآخرين، لتجاوز بعض المشاكل، واحيانا لتطويع الخبرات، في سبيل النهوض بالمجتمع بالاتجاه الايجابي، وبالتالي فان تطوير بعض التجارب الانسانية يحدث فرقا كبيرا، في تجاوز بعض السلبيات، والحصول على النتائج المثمرة، بمعنى اخر، فان الموقف الواضح أجدى نفعا من الوقوف في المنطقة الرمادية، لاسيما وان التذبذب في اتخاذ الموقف يولد انعكاسات سلبية على الصعيد الاجتماعي، خصوصا فيما يتعلق بالقضايا ذات الأثر على الإطار الصحي للجميع.

كاتب صحفي