آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

الخطاب.. الوعي

محمد أحمد التاروتي *

القراءة الواعية للخطاب ضمانة، لتفادي الوقوع في الافخاخ المنصوبة، فالكثير من الخطابات الثقافية تهدف لرسم اتجاهات محددة، وتوجيه الرأي العام نحو غايات خاصة، انطلاقا من الاستراتيجيات الموضوعة لدى اصحاب الخطاب، فالعملية ليست عشوائية او ارتجالية، وانما مرسومة بشكل دقيق، من خلال استخدام الامكانيات المالية، واختيار المفردات القادرة على صناعة الرأي العام، لدى مختلف الشرائح الاجتماعية.

عملية ترجمة الخطاب الثقافي مرهونة بامتلاك الاليات، والأدوات اللازمة، اذ لا يمكن صناعة الخطاب النوعي دون استقطاب العناصر القادرة، على نشر المفردات بطريقة سهلة، ومحببة لدى مختلف الفئات الاجتماعية، لاسيما وان العناصر المؤمنة بنشر الخطاب الثقافي ضمانة، لتحريكه بشكل عمودي وأفقي في الوسط الاجتماعي، من خلال استخدام جميع القدرات، والوسائل المتاحة، فضلا عن خلق الاجواء المناسبة لتبني الخطاب الثقافي، لدى بعض النخب الفكرية قبل التحول للقاعدة الشعبية.

امتلاك الموارد المالية يمثل احد العنصر القادرة، على صياغة الخطاب الثقافي وفقا لمتطلبات العصر، وكذلك ايجاد المفردات السهلة لتشكيل التيار المجتمعي، فالافتقار للموارد المالية يمنع من احداث اختراق حقيقي، في وضع الخطاب الثقافي في متناول الجميع، نظرا لمحدودية انتشاره لدى مختلف الشرائح الاجتماعية، وبالتالي فان امتلاك حرية التحرك مرهون بوجود الاموال القادرة، على تحطيم الحواجز المادية والمعنوية، لدى بعض الفئات الاجتماعية، مما يستدعي الاستعانة بمراكز القرار الاقتصادي، لتذليل كافة الصعاب المعرقلة لتجذير الخطاب في البيئة الاجتماعية.

صناعة الرأي العام مطلب اساسي، لتكريس الخطاب الثقافي في المجتمع، فالفشل في استقطاب الكثير من الشرائح الاجتماعية، يمثل خطورة حقيقية على مستقبل الخطاب الثقافي ويمهد الطريق لاندثاره بسهولة من الذاكرة المجتمعية، الامر الذي يفسر التركيز على تشكيل تيار داعم للخطاب الثقافي، مقابل التيارات الثقافية الاخرى المنافسة، لاسيما وان التيار المناصر يتحرك باتجاه القاعدة الشعبية، باعتبارها المصدر الأساسي للتأييد والدعم، مما يسهم في تحقيق اختراق عملي في المجتمع.

التعاطي بوعي كامل مع نوعية الخطابات الثقافية المتداولة في المجتمع، عملية ضرورية لتفادي الانخراط في مسالك خاطئة، فالمجتمع مطالب بدراسة الخطابات بطريقة دقيقة، وعدم ابداء الموافقة بدون الوقوف على الغايات والأهداف المرسومة، خصوصا وان الجهات الداعمة للخطابات الفكرية تتحرك وفق اجندات خاصة، سواء لاغراض شخصية، او لتخريب التماسك الاجتماعي، وبالتالي فان التريث في التعاطي مع الخطاب الثقافي يمثل خطوة اساسية، لكشف بعض الامور الخافية وإماطة اللثام عن القضايا الغامضة، لاسيما وان الانبهار بالشعارات البراقة ينم عن تواضع في الوعي.

الاليات المتبعة لاكتشاف النوايا الحقيقية للخطاب متعددة ومختلفة، فهناك اُسلوب القراءة المباشرة لنوعية المفردات المتداولة، بحيث تكشف عن الامور الخافية، ”مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلاَّ ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ“، وبالتالي فان الوعي يستدعي اخذ الحيطة والحذر من الغذاء الفكري المطروح، وعدم الانخداع ببعض الافكار الجميلة، من خلال دراسة الخطاب الثقافي بشكل كامل، للتعرف على جميع الافكار وعدم الاكتفاء بجزء يسير.

تفويت الفرصة على اصحاب الخطاب التضليلي، مرتبط بالقدرة على احباط تمرير بعض المفردات في المجتمع، فهناك الكثير من الاعمال القادرة على افشال تلك النوعية من الخطابات الفكرية، مما يقود لحماية المجتمع من الاختراق من التيارات المشبوهة، والتي تتحرك لتحقيق غايات خاصة.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
البحر الميت
[ جزية تاروت ]: 18 / 6 / 2019م - 6:15 ص
قال امير الكلام(لا يستغنى كريم)قاعده قرآنيه )(من احترم غنى الى غناه عذبه الله ومن اهان فقير الى فقره عذبه الله()قالت لي والدتي يرحمها الله يوماً يابني إياك ان تمر على إحضار من بيوت المسلمين وتنزع (إقشم)تخلل به أسنانك علماً أن اكثر بيوت الناس عشيش فقلت لها لماذا؟قالت ياولدي اعلم انه سوف تحاسب يوم القيامه حتى على هذا (القشم)انتبه ياولدي حساب الله الى هذا الحد إياك وحقوق الناس فإن الله عادل ()قصه قصيره()مر تاجر يتحدث بنعمة ربه على فقير يبيع السمك في السوق ولم يشتري منه احد فوقف عنده وسأله بكم الكيلوا فقال بكذا فقال له أوزن كل السمك الذي عندك تعجب الفقير وقال كل السمك قال له نعم عندها فرح الفقير ووزن كل سمكه عندها قام التاجر وباع السمك في مكان اخر بجانب متجره الذي يبعد عن القطيف ولا يوجد به سمك
كاتب صحفي