آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 9:59 م

التحرش المعاكس

المهندس أمير الصالح *

عند الكلام عن التحرش ينصرف البعض ذهنهم لمفهوم التحرش الجنسي، والواقع ان التحرش له تعريفات مختلفة باختلاف الثقافات وهنا اورد احد تلك التعريفات المقتبس:

”التحرش هو مُضايقة، أو فعل غير مرحب به من النوع النفسي أو الجنسي أو اللفظي أو الجسدي. ويتضمن مجموعة من الأفعال من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات مسيئة من منطلقات عدة. التحرش يعتبر شكل من أشكال التفرقة العنصرية والتمييز غير الشرعية بحق الأفراد، وقد يتجلى كشكل من أشكال الإيذاء الجسدي أو الجنسي أو النفسي والاستئساد على الغير“.

انطبع في ذهن الكثير من سكان الوطن العربي لاسيما سكان الخليج العربي، ان الرجل هو من يصدر منه فعل التحرش ضد المرأة على اعتبار ان المرأة انسان لطيف الشكل والمحتوى والفعل وان التحرش يصب في زاوية واحدة وهو التحرش الجنسي. وهذا يذكرني بتعريف التحرش في المركز المصري لحقوق المرأة بانه ”كل سلوك غير لائق له طبيعة جنسية يضايق المرأة أو يعطيها إحساسا بعدم الأمان“. شُرعت وفُعلت القوانين ذات الصلة للحفاظ على المرأة من عبث العابثين من المتحرشين في كثير من الدول؛ وهذا شي جيد ويساهم في الحفاظ على كرامة المرأة واستقرار الامن الاجتماعي والوطني. حديثا سُجلت حالات تحرش صادرة من بعض النساء، المتمردات على اخلاقيات المجتمع، في حق بعض الذكور من الرجال والاولاد ولا نعلم عن المؤشر لهكذا فعل في المستقبل صعودا او تدنيا. ولعل آخر الانباء من بعض الصحف الخليجية عن تعرض رجل لتحرش صادر من قبل اربع نساء وفي محضر زوجته شي ملفت للنظر وان لم يعد ظاهرة منتشرة.

ليس الهدف في فرد هذا المقال هنا التندر على انقلاب الصورة وتبدل المشهد او الاسترسال في ذكر حوادث الانفلات اللاخلأقي تدعيما لهذا او ذاك الرأي من اراء المحافظين او المتعصبين او الليبراليين. انما الهدف هو تنبيه الابناء والبنات حديثي التجارب على حد سواء بضرورة ممارسة اقصى حدود اللباقة والحصافة والكياسة عند التعامل والتعاطي مع ابناء الجنس الاخر بشكل عام inter gender communication و لاسيما ممن يحاول ان يصطاد في الماء العكر لاصطياد فرائس لمأرب مختلفة او اختلاق فرية التحرش.

سمعنا عن اختلاق مشاكل للسائقين من قبل عصابات متازمة ماليا ونفسيا للنصب والابتزاز. وحرصا على المساهمة في التنبيه وتجنب التحرش المعاكس، اوردنا هذه الاسطر. هناك اساليب عدة تُنصب فيها الفخاخ الغير أخلاقية لتوريط الاولاد او الرجال ولالصاق تهمة التحرش بهم و ابتزازهم ماليا او اكثر من قبل بعض السيدات في بعض الدول. ومن المعروف قانونيا ان تهمة التحرش بالمرأة تقود المتهم لكلا من عقوبة السجن والغرامة المالية الباهظة، فضلا عن تشويه السمعة الاجتماعية. ولعل من الحكمة والحنكة بمكان ان يبادر الانسان بالابتعاد عن مواطن الشبهة والالتزام بكامل الادب وتجنب اماكن الازدحام حيث تنصب الشراك وتتكاثر الانفس التي يشوبها الصفاء النفسي. من الحكمة ان يتعرف ويُعرف ويُشخص الانسان اساليب الفخاخ المباشرة والغير مباشرة واساليب الاتصال البصري المستقيم والمريب و لغة الجسد المحترم والمريب والتمييز بين اللغة الواضحة واللغة الايحائية «ritual» لكي يتجنب الاستدراج ويميز الغث من السمين. بحمد الله مجتمعاتنا تعج بالنساء العفيفات، الا انه هناك من النساء من لا يتقين الله وينصبن الفخاخ لتوريط البعض من الرجال او الشباب الحدث طمعا في مال او مافي ايديهم ، او سعيا لابتزازهم او تشويه لسمعتهم او تحالف تلكم النساء مع اشخاص من اجل تصفية شخص مهنيا او اجتماعيا او اعتباريا.

نشاهد في بعض البرامج الوثائقية المُبثه في بعض القنوات الفضائية والتلفزيونية المساجلات الدؤوبة من فريق ضد فريق آخر لتلطيخ السمعة والتروبج لفضائح يكون عنصر التحرش الجنسي اساس فيها. ولعل المجتمعات حديثة الانفتاح على التعامل بين الجنسين يكون بعض افراده ساذج نوعا ما او كثيرا ما. وهذه السذاجة تذكرنا بمقطع من مسلسل ”درب الزلق“ حيث السيد قحطة قال ”نبوية... حبتني... تقول نورت مصر ياسعادة البيه“. من الجيد ان يبادر الاباء باعطاء جرعات تثقيفية وتوجيهية لابناءهم في كيفية تفادي اي مشاكل او سوء تفاهم او سوء استغلال عند التعامل مع الجنس اللطيف لاسيما عند تعرضهم للنوع اللعوب من النساء هداهم الله. مؤسف ان نسمع بقصص استغلال بعض الغير متقيات من النساء لتشريعات العرفية او القانونية في تسقيط رجال من اصحاب المهن المحترمة باساليب الافتراء او الاغواء او الاتهام كيدا وغدرا . المراقبة والاستدراك السلوك الذاتي لاي انسان ذكر او انثى يُجنب به نفسه الوقوع فيما لا يُحمد عقباه. لعل من النماذج الموصى بها في التعاملات البشرية عند الوقوع في ازمة اتهام من طرف له بشي كيدي هو نموذج ثوماس كيلمان Thomas - Killman في ادارة النزاع وهو نموذج يتضمن:

التصرف بناء على تفاعلك مع المحيطين «متاكد - غير متاكد» وتعامل المحيطين معك «متعاون - غير متعاون» لتشمل الاساليب التالية:

1 - متنافس competing

2 - متعاون collaborating

3 - متجنب avoiding

4 - مستوعب accommodation

5 - متنازل compromising

ومن الجيد اجادة تطبيق مهارة فض النزاعات الكيدية في مهدها قبل تدحرج كرة الثلج لماهو خارج السيطرة. وهذا ينبهنا الى اهمية قراءة المحيط الذي نعمل او نتسيح او نتنزه او ندردش او نتسامر فيه، قراءة واعية لكي نكون في صدارة ادارة المواقف وتجاوز اي فخاخ قد ينصبها من لا يُؤمن جانبه/ جانبها ولا يُحاط باساليب غدره/ها.