التخريب.. السلوك
النزعة التخريبية سلوكا مكتسبا من المحيط المحيط، سواء بالدائرة الاسرية، او البيئة الاجتماعية، فالكثير من الاعمال ذات الطبيعة العدائية ناجمة عن التأثيرات الخارجية، وليست نابعة من محركات ذاتية في الطبائع البشرية، فالبعض يحاول اظهار الشجاعة والأقدام عبر الإساءة للاخرين، او التعدي على حقوق الناس من باب التشفي، وإبراز الغل المكنون في تجاه بعض الاطراف كردة فعل للممارسات القديمة، التي عفى عليها الزمن، وبالتالي فان اخراج البعض من الدائرة الشريرة يقضي على السلوكيات العدائية المكتسبة، جراء بعض الظروف القاهرة احيانا، والاجواء الضاغطة احيانا اخرى.
نشر ثقافة التخريب مرتبطة احيانا من انعدام الرؤية، على توجيه الطاقات البشرية بالاتجاه السليم، فالبعض يحاول استغلال بعض القدرات، وتسخير الذكاء الانساني في العملية التدميرية، الامر الذي ينعكس بصورة مباشرة في الاضرار بالآخرين، بحيث تبرز على شكل مواقف عدائية وتخريبية، خصوصا وان التحرك بالاتجاه التخريبي يغري الغرور الذاتي، ويولد نوعا من اللذة الغريبة لدى البعض، مما يدفعه للانغماس بشكل كبير في ايذاء الاطراف الاخرى معنويا وماديا.
يتحرك البعض من احقاد داخلية تجاه البيئة الاجتماعية، سواء نتيجة مواقف سابقة من بعض الشرائح الاجتماعية، او بسبب الامراض النفسية المعشعشة في الصدور، الامر الذي يدفع لحيك الدسائس، ورسم مختلف الخطط التخريبية، خصوصا وان الحواجز النفسية الحائلة دون الاندماج النفسي والجسدي مع المجتمع، تشكل محركا في الانخراط الكامل في مختلف انواع عمليات التخريب، بحيث تشكل العلامة البارزة في العلاقة المتوترة مع مختلف الفئات الاجتماعية، وبالتالي فان الاحقاد النفسية عنصرا اساسيا في السلوك التدميري، لدى البعض تجاه البيئة الاجتماعية، الامر الذي يستدعي اعادة ترميم تلك الانفس المريضة، لتصحيح المسار التخريبي بما يحقق المنفعة العامة.
نشر الثقافة التخريبية خطر كبير على التماسك الداخلي، لاسيما وان النزعة التدميرية تخلق الصراعات المزمنة، لدى العديد من الشرائح الاجتماعية، نظرا لتباعد التوجهات في التعاطي مع المصلحة العامة، فأصحاب السلوك التدميري يتحركون وفق قناعات الارض المحروقة، والتي تأتي على الأخضر واليابس، بعيدا عن الاثار المستقبلية لانتشار هذه السلوكيات على الاجيال القادمة، فيما الطرف المقابل يسعى لتغليب اللغة التصالحية ونشر ثقافة البناء، باعتبارها السبيل لتدعيم التماسك الداخلي، وترميم البيت الداخلي، الامر الذي يتمثل في الدوس على الجراح، وتناسي الاحقاد عبر فتح صفحة جديدة، في العلاقات الاجتماعية، لاسيما وان نبش الماضي يكرس التخريب، ويعرقل عمليات البناء الجمعي للنهوض بالمجتمع في كافة الجوانب.
التخريب يشكل احد معاول الهدم في المجتمع، لاسيما وان تنامي هذه الظاهرة يقضي على الكثير من المنجزات على الارض، مما يستدعي الوقوف بوعي وحزم امام بروز هذه السلوكيات، خصوصا وان البعض يحاول الانخراط في عمليات التخريب بدون وعي، انطلاقا من قصور في الرؤية، واحيانا لوجود اجندات ذاتية، بمعنى اخر، فان ايجاد القنوات القادرة على احتضان اصحاب السلوك التخريبي امر مطلوب، من اجل تصحيح السلوك الشاذ، وزرع الثقافة البديلة، والمعتمدة على التسامح والعطاء، وعدم التحرك باتجاه الانتقام، والاضرار بالآخرين.
السلوك التدميري جرثومة خطيرة، تتطلب تضافر جهود الجميع، لاقتلاعها من جسد المجتمع، خصوصا وان التغافل عن معالجتها يتسبب في انتشار الكثير من الامراض، مما ينعكس على شكل الكثير من السلوكيات، غير السليمة لدى مختلف الاجيال.