آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

لماذا مناهضة الحرية؟

رجاء البوعلي * صحيفة الرأي السعودي

إن ظاهرة مناهضة الحرية يجب ألّا توقفنا عند حد الجدل لإثباتها أو الدفاع عنها فحسب، بل تقودنا لتحري هذه الأسباب وفهم طبيعة الاعتراض والنفور منها ومن ممارسيها، لأن الأصل في الأشياء هو القبول، والاستثناء إنما يحدث في الحالات السلبية والشاذة عن المنهج السوي، ولعل هذا الخيط في الفكرة قد يأخذنا لمزيد من الفهم لهذه الجدلية.

فهل الرفض للحرية كقيمة أصيلة للإنسان؟ أم كممارسة لها انعكاسات قد لا تتماشى مع اتجاه العناصر المرتبطة بها كالمجتمع وغيره؟

عن أصل الإنسان، فهناك من يعتقد بحرية الإنسان أصلًا في اختياراته كلها، بل حتى المجتمعات المتدينة فيها من يوافق هذا الرأي فيذهب خلف قوله تعالى: «لا إكراه في الدين» أو «فهديناه النجدين إما شاكرًا وإما كفورًا» بينما يُرجح البعض حرية الإنسان في شؤونه كلها باستثناء اختياره للمعتقد، مُستندًا على كثير من الآيات القرآنية مثل: «إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب» وقوله تعالى «ومن يبتغ غير الإسلام دينًا فلن يقبل منه»، والأصعب أن هناك من يرى إلغاء حرية الفرد أمام العادات والثقافة السائدة والفكر الجمعي الغالب في البيئة المحيطة.

أما كممارسات وانعكاسات على الفكر والسلوك الإنساني، فنجد أنها أقل تعقيدًا، فالكثيرون يقبلون فكرة امتلاك وممارسة الحرية ولكنهم يختلفون حول حدودها وهيئتها وربما من هنا تتفرع الحرية كإيجابية وسلبية.

إن مفهومًا شائكًا ومتعددَ المهام والغايات والمنابع كالحرية، يسهل التعاطي معه كلما مال للتبسيط والتقريب إلى حياة الإنسان المرن، ويصعب كلما استشكلت وتعقدت أغلاله، وبما أننا نقع تحت وطأة هذا التذبذب التفاعلي، رأينا طرح تفاصيله الممكن تناولها مع قارئ سريع، وهي خطوة نأمل منها أن تعوّد القارئ على التروي عند استقبال مفهوم حديث أو فكرة طارئة، لأن اتخاذ القرار تجاه الأفكار المستجدة لا يختلف عن اتخاذ قرار تجاه وظيفة جديدة معروضة، فكلاهما يحتاج استيعاب لطبيعته وتفهم لعلاقته وأثره على الإنسان.