آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

بالونات الاختبار.. الجزء الاول

المهندس أمير الصالح *

في اسواق العمل، قد ينصدم الموظف الغير متعمق في الاطلاع بسلوكيات المدراء والادارات المختلفة عندما يسمع مديره يقول لموظفه المتضرر: ”هانت،... كلها كم سنة وتتقاعد!“. او مدير اخر يقول لموظف مواطن مقلم الفرص للنمو في دائرة عمله: ”لو لا ان شركتنا لا تتبع سياسة الفصل بالبند رقم مذا وكذا «الفصل التعسفي» لسعيت لتقليص الايدي العاملة بكل ما اوتيت به من قوة ووظفت موظفين اجانب من شرق اسيا بنصف رواتب الموظفين المحليين“. تلكم بعض الامثلة وكما نُقل لنا، وهذا لسان حال بعض المدراء المتغطرسين على محيطهم المهني والمستقويِّن بسلطة مناصبهم الادارية، والذين يتغنون متاجرةً بشعار المواطنة ليل نهار وهم فعليا يهشمونها ويستطيل امر مركزيتهم في ذات الدوائر او المراكز بالشركات. وهناك امثلة اخرى لا تُعد ولا تُحصى تؤكد بان العمل بمسمى الوظيفة في بعض المُنشأت او الشركات اقرب الى التعرض لـ الامتهان من قبل المدراء المتنمرين والذي لايوجد من يوقفهم عند حدودهم او يتصدى لهم في كثير من الشركات والدوائر والقطاعات. وعليه نحث الجميع لاستكشاف طرق اطلاق بالونات اختبار لاستشراق وقراءة مستقبله قبل انخراط الايام وضياع افق الفرص والانخراط في التنظير الممل عن عملية التغيير دونما اي حراك او اقدام.

دعني اقف هنا برهة للتعريف ببالون الإختبار. بالون الاختبار هو مصطلح سياسي وعسكري، وهو باختصار يقصد به تسريب معلومة محددة الى جهة إعلامية معينة «جريدة/قناة فضائية / صحفي/ ثرثار / نمام» بقصد نشرها على الرأي العام او المجتمع الصناعي او الاداري او العادي، ومعرفة موقف الجهة او القطاع او الاحزاب او الدول بقياس ردات فعله / ها / هم على تلك التسريبات المتعمدة ومن ثم اعادة استراتيجية المقاربة وتصنيف ردود الفعل وفرز فئات الضد والذين مع.

لدى اهل التجارب المتراكمة والاحتكاك بالخليط الاجتماعي والمهني والانساني سواء من خلال العمل التطوعي او العمل المهني بالشركات وداخل بعض الدوائر الرسمية او العمل الانتخابي او الابتعاث او الاغتراب او النقاشات في القروبات الافتراضية، لديهم مكاسب معرفية وتحليلات نفسية عن فنون استكشاف افق العلاقات وادارة التواصل الانساني وتمييز الاصناف السلوكية والمزاجية لمختلف من يحتكون بهم من الناس في المجتمع والعمل والسفر والشارع. لعل من اهم الفنون هو فن كشف الاقنعة وتميز الادعاء الصادق من الكاذب من خلال اطلاق بالونات الاختبار المختلفة؛ وعليه يتم وتتم اعادة صياغة العلاقات البينية مع الاطراف ذات العلاقة وحسم تفعيل القرارات بنوع العلاقة او العمل على ايجاد حلول او تمحيص القناعات او بتر العلاقة او نقل الخدمة او تغيير نمط التواصل او التحفظ في المكاشفات او الانطلاق في اعمال مختلفة.

وفي نفس السياق، قد ينصدم البعض من بعض الناس في اكتشاف حقيقة شخص اخر سواء في العمل او الحي او رحلة السفر او مكان الابتعاث او الديوانية بعد مضي العديد من السنوات او العقود من معرفتهم لاولئك الناس المرتدين لأقنعة مختلفة. ولعل معظم افلام الاكشن والرومانسية والمغامرات المُنتجة من سينما هوليوود وسينما بوليوود يدور جزء من السيناريوهات لافلام الاكشن فيها حول اكتشاف وجود خيانة صادرة من طرف ك رجل امن يعمل لصالح رجال مافيا او عصابة مخدرات، او اكتشاف محب / محبة / صديق يغدر بعشيقته/ عشيقها / صديقه بعد مضي نيف من السنين،... وهكذا قصص وحواديت مستنطقة من الواقع.

لعله لبساطة العلاقة في مقاعد الدراسة او اثناء الدراسة في دول الابتعاث تكون الامور اقل تعقيدا واقل بروزا ضد الجهة المغدور بها في السلوك او القيم او الافكار الاساسية. لدى البعض في مواقع العمل المهني، الامر اكثر تعقيدا وقد يصل الغدر او الكيد ببعض الاطراف الى اختراقه لهم باقنعة مختلفة ومنها اسلوب شراء الذمم او تسليط سلاح الاغواء او افتعال احداث معينة او الصاق التهم الكيدية بهدف تسوية وتصفية المنافسين لـ الاستحواذ الكامل على مفاصل القرار او الوظائف او العطاءات المهمة او المناصب او غيرها من تلكم العناوين المختلفة.

في الكثير من الصراعات وغُلب الرجال تتساقط لدى البعض معايير الاخلاق وتتهاوى القيم سعيا منهم / هن لبلوغ الغاية؛ وهذا مصداق ميزان ميكافيلي المشؤوم «الغاية تبرر الوسيلة». لعل الكثير من الناس قليلي الخبرة او اصحاب العود الطري او ساذجي التصرف او ممن هم من مشتعلي الحماس وسريعي الاندفاع يقعون من دون وعي منهم باخطاء فادحة، وعليه واجب تدارس الامور المحيطة قبل فوات الاوان وعض اصابع الندم وبذل الجهد لتعلم بصائر الامور. ساورد هنا قائمة ببعض اساليب اكتشاف ردود الفعل نحو بالونات الاختبار لاجهاض الاستفتاء او قراءة من حولك وكشف حقائق الامور والارض التي تقف عليها:

1 - التشكييك ”هل انت متاكد“

2 - الاستخفاف ”هذا عمل فردي وكلا يجوز بنفسه“

3 - الاستفزاز ”هذه حيلة تهدف الى كذا وكذا“

4 - الاصطفاف على شكل محاور

5 - النكران لكامل الموضوع ”مستحيل“

6 - التشويش ”ادخال امور في امور اخرى“

هناك من الناس من يجيد انتحال الشخصيات والكذب باسلوب متمرس وهذا مصداق الايةًالكريمة: «لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وانتم تعلمون» س آل عمران اية 71.