آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

القفازات المخملية

محمد أحمد التاروتي *

يستخدم البعض القفازات المخملية لاضفاء ”النظافة“، على عمليات الاحتيال والنصب على اختلافها، فهناك الكثير من الاساليب لممارسة السرقة، بعضها مرتبط بالاستيلاء على الاموال، والبعض الاخر بالسطو على الحقوق الفكرية، والثالثة باحتلال مواقع الاخرين بالقوة، وبالتالي فان عمليات النصب والاحتيال تختلف باختلاف الاغراض والغايات، بحيث تبرز على شكل ممارسات متعددة ومتباينة، مما يجعل حصرها ضمن إطار واحد من الصعوبة بمكان، بيد ان القاسم المشترك في تلك الممارسات، يتمحور في الاستيلاء على الحقوق، بطريقة مخادعة وغير قانونية.

استخدام القفازات عملية ضرورية لتبيض الممارسات المشبوهة، ومسح اثار الجريمة تفاديا للملاحقة القانونية، خصوصا وان الطريقة المباشرة للنصب والاحتيال لا تعطي الثمار المرجوة، فضلا عن المخاطر المترتبة على هذا السلوك المباشر، الامر الذي يدفع لاستخدام الطرق غير المباشرة والملتوية لحصد ثمار الخداع، لاسيما وان حصيلة السرقة المباشرة تكون قليلة غالبا، مما فرض الاستعاضة عنها بالقفازات المخملية، نظرا للنتائج غير الخطيرة في حال الفشل في تحقيق المآرب.

”استخدام القفازات المخملية“ عبارة مجازية للتلاعب بالمشاعر، واستخدام الثقة بطريقة سيئة للغاية، لاسيما وان الكثير من الشرائح الاجتماعية لا تفترض النوايا السيئة في ممارسات الاخرين، بحيث تترجم على شكل مشاركات عملية في بعض المشاريع الاجتماعية، خصوصا وأنها تحمل أهدافا نبيلة، وأغراضا سامية للعديد من الفئات الاجتماعية، بيد ان الامور تتحول بين ليلة وضحاها الى كارثة كبرى، بمجرد افتضاح امر الجهات القائمة على تلك المشاريع الاجتماعية، حيث يكتشف الكثيرون حجم النصب والاحتيال الممارس بحقهم، من خلال الاستيلاء على الجهود، وكذلك سرقة المساعدات على اختلافها.

يمتاز اصحاب القفازات المخملية بالذكاء الخارق، من خلال ابتكار العديد من الاساليب لتجريد الضحايا من الحقوق، بحيث تظهر على شكل مشاريع جديدة بهدف إسالة لعاب الاطراف الاخرى، مما ينعكس على الانجرار الكامل وراء هذه المشاريع الوهمية، لاسيما وان اصحاب القفازات المخملية يعمدون للضرب على الوتر الحساس لدى الطرف المقابل، من خلال التركيز على الجانب العاطفي، ومحاولة تعطيل الجانب العقلي، مما يسهم في سهولة السيطرة على العواطف، الامر الذي يساعد في تحقيق الاهداف المرسومة بسهولة كبيرة.

يلعب الغباء واحيانا السذاجة دورا اساسيا، في تمكين اصحاب القفازات المخملية من الوصول الى الاهداف، فالأطراف الغبية غير قادرة على اكتشاف النوايا الحقيقية، الكامنة وراء طرح بعض المشاريع، الامر الذي يدفع باتجاه للسير طواعية في المطبات المنصوبة، دون اتخاذ الحيطة والحذر عبر دراسة الخطط والمشاريع المطروحة، او التوقف قليلا للتعرف على الغايات من وراء اثارتها، وبالتالي فان الوقوع في فخ اصحاب القفازات المخملية ليس نابعا من الذكاء، وامتلاك صفات استثنائية غير متاح للجميع، بقدر ما يكشف المستوى المرتفع من غباء الطرف المقابل.

قلة الحذر من غالبية الناس، وتكرار الوقوع في الاخطاء نفسها، عوامل اساسية في استمرارية استخدام القفازات المخملية، لممارسة النصب والاحتيال، فأساليب الخداع متكررة في الكثير من المجتمعات البشرية، بيد ان الفرق يكمن في استخدام أدوات العصر، والاستفادة من التقنية، بمعنى اخر، فان ممارسات السرقة تأخذ عناوين عديدة لزرع الثقة في النفوس، ولكنها تلتقي عند نقطة واحدة وهي الاستيلاء على حقوق الاخرين، بطريقة نظيفة واحيانا بمبادرة أصحابها بدون وعي، سواء للثقة الزائدة في الاطراف الاخرى، او بسبب الطمع الكبير في الحصول على اوهام الارباح، التي يبيعها المحتالون على الاخرين.

كاتب صحفي