آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

آفة التفرقة مرة أخرى..

كمال أحمد المزعل *

تعرض لانتقادات سيئة على خلفية عنصرية في الفصل الدراسي، من أحد المدرسين، كان ذلك النقد بالنسبة له مُحتملاً ومتوقعاً، فقد سمع عن هذا المدرس من قبل، ولكنه عزم على أخذ المادة عنده، معتقداً أنه يستطيع التعامل مع ذلك الوضع، مع حاجته لأخذ تلك المادة الدراسية، وبعد عدة أيام أيضا، ومن دون مبرر منطقي، تلقى مرة أخرى سيلا من الهجوم العنصري اللاذع والشديد، وإذا كان النقد السابق كان على انفراد، الا أنه هذه المرة كان أمام كافة طلبة الفصل، لم يتحمل هذا الطالب ذلك الكلام العنصري السيء هذه المرة، وعزم على رفع شكوى الى إدارة الجامعة، بخلاف بقية الطلبة السابقين الذين آثروا السكوت والتحمل، وعدم تقديم شكوى، عندما يتعرضون الى موقف مماثل، خوفا من تأثر درجاتهم، الا أن هذا الطالب كان ذا شخصية قوية ومختلفة عن بقية الطلبة، اعتاد أن يحترم الآخرين، إلا أنه لا يقبل التجاوز عليه، وقد وصل الضيم حده، ولن يقبل ذلك أبداً، توجه الى قسم خاص بالجامعة للشكاوي الخاصة بالتفرقة، وهناك قدم شكوى بهذا الخصوص، وتعامل الجامعة مع هذه القضايا شديد وحاسم، وقد يصل الى درجة الفصل، سواء للطالب أو المدرس المتجاوز، وربما عدم تقديم شكاوي سابقا ضد هذا المدرس، هو ما جرأه على تكرار التجاوز، إدارة الجامعة تحدثت مع المدرس المذكور وطلبت منه في البداية الإعتذار للطالب، المدرس إعتذر للطالب أمام الطلاب، وتم التواصل مرة أخرى مع الطالب، لسؤاله عن موقفه بعد تقديم المدرس للإعتذار، هل يريد الاستمرار في القضية أم يكتفي بالاعتذار الذي تم، فكان رده الاستمرار في القضية، والقضية مستمرة....

هذه الجامعة الأمريكية التي يقترب عدد طلبتها من الثلاثين ألف طالب، لا تقبل أي تفرقة من أي نوع بين أي من طلبتها أو مدرسيها،، كما أنها شكلت منذ ما يزيد على عشرين سنة، قسمأ للاهتمام بطلابها من أبناء الثقافات الأخرى، بل إنها تقيم في كل عام حفلا خاصا لهؤلاء الطلبة، تأكيدا على ترحيبها بالطلبة من مختلف الجنسيات، كما أن من يلقي كلمة الطلبة كافة في حفل الجامعة الرئيسي السنوي يكون غالبا طالبا غير أمريكي، بل إن الهيئة العليا المعنية بتعيين مدير الجامعة عينت في العام الماضي مديرا غير أمريكي، لادارة الجامعة.

إذاً حالة التجاوز العنصري والتعدي على الآخرين تظل موجودة، حتى من قبل المتعلمين والمثقفين، ولن تتوقف إلا إذا تجرأ وبادر وسعى كل من يقع عليه التجاوز لرفع مظلمته، والا فان الظلم سيستمر والجاني سيواصل سحق ضحاياه، وهذا السعي لن يكون مثمرا إلا إذا كان هناك نظاما يعاقب من يقوم بالتجاوز، نظاما واضحا يعاقب فيه كل من يتجاوز على غيره، كائنا من كان، تجاوزا عنصريا أو مذهبيا أو طائفيا، وهذا النظام لا بد أن يكون تحت رعاية ودعم من هيآت المجتمع ومؤسساته، بل من السلطة العليا في المجتمع..

خلاصة القول، إن التفرقة بكافة أشكالة آفة متغلغلة في الكثير من أبناء البشر، لن يتم القضاء عليها الا بتحرك المعنيين لرفضها، مع وجود نظام لمعاقبة أصحابها، ودعم أعلى سلطة لها.

سيهات - عضو مجلس بلدي سابق - راعي منتدى سيهات الثقافي