آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

أحجار الطريق

قالَ لي شابٌ: أليس كلَّ ما تكتبونه عنا ولنا مكرراً؟ هل أنتم تفهموننا؟ بساطةُ منطقي هي أن كلَّ شيء مكرور يزداد في الحلاوةِ والمنفعة مثل السكرِ والقمح والنفط، لكن أخبرني ما هو الذي لا نفهمه عنك أيها الشاب؟ قال: نحن الشباب مثل نورِ الشمس الذي يطل كل يومٍ على الحياةِ لكنه ليس ذات النور، ونحن خيوطُ ضوءِ القمر الذي ينعكس من نورِ الشمس مختلفاً كلَّ ليلة، هكذا نتشابه معكم وهكذا نختلف عنكم.

نحن من جيلٍ جديد يختلف في مظهره، وفيما يسمع منْ أصواتٍ ويرى من مشاهد، ويستخدم من آلات، وفيما تستسيغه حليماتُ ذوقهِ من أكل، لابد لك أيها القديم أن ترحب بالجديد، ولا تعتبره مختلفاً عنك ومتحدياً لك في الجوهرِ والقيم. أنت عشتَ في عوالمَ وجزرٍ متناثرة فوقَ الكرةِ الأرضية تحدها البحار والجبال والصحاري وهو يعيش في فضاءٍ واسعٍ لا حدودَ لما يرى ويسمع ويفهم ويسافر. أنت ناتج جيلٍ كانت المعلومة منتقاةٌ تستهدف فكره مثل صلياتِ القذائفِ وأصبح الآن المعلومةُ وضدها موجودٌ دون عناء.

أيها القديم: أبرمتنَا بالحديثِ عن الماضي والشيخوخة والحكمة والعقلانية والتجارب والخبرات، والمبادئ والأفكار. ولم تنظر إلى الحداثةِ والحيوية والنشاط والتقدم في العلم والتقنيات. ألستم أيضاً قبلنا اعتبرتم من قبلكم موتى لا تنفع نصائحهم وعظاتهمْ؟

هكذا نحن نحاول استخراج نسخٍ مكررة منا رغبةً في بقاءِ ساعة الزمنِ ثابتةً تحرسنا عند باب الكهف على مر السنين، وليس عندنا سوى الورق القديم الذي لم يعد يتداوله أهلُ القرية والمدينة التي نعود أحياءً فيها. نعم للمولود الجديد الذي يأخذ الجيدَ ويترك البالي، ونعم للقديم الذي يستطيع أن يقدمَ للجديد ما ينفع من المعرفة والخبرة والثقافة.

أيها المسافر اليومَ في الحياة، أنت تحتاج إلى الصخرة ”الصُّوَّة“ على جانبِ الطريق لكي تعلمك ما قطعتَ من أميالٍ وما بقي في الرحلة من مسافات. هكذا أنت في الثابت والمتحرك، جديداً جئتَ أم قديماً بقيت. لا تستطيع الصخرة أن تجلو ما كُتب عليها من أرقامٍ ومسافات، لكن المسافرَ يستطيع...

مستشار أعلى هندسة بترول