آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

سلسلة: ورقة عمل اجتماعية مفتوحة

مراجعة الواقع ومعالجته «2»

المهندس أمير الصالح *

في بعض المناطق الجغرافية، حيثما تجلس مع مجموعة من افراد ذاك المجتمع وتدادرسون تستقرأ وجود تيارات متعددة الاتجاهات والاهداف وقد تصل اهداف بعضهم الى مستوى تضارب المصالح وسعي طرف بالتنكيل باطراف اخرى وتسقيطها. وهو اشبه بالصراع الطبقي او صراع على النفوذ والتاثير power struggle بين طبقات معينة وانشغال خلق كثير بالمتابعة او الانخراط بالتصفيق لهذا ضد ذاك او لذاك ضد هذا. في المقابل، في مناطق جغرافية اخرى ترى بين اطراف ذاك المجتمع، صور متعددة من صور التفاهم والاحترام المتبادل وتظافر الجهود والتنافس للارتقاء باسم ومستوى المجتمع وبالتالي الوطن.

في صراعات التيارات الداخلية في المجتمعات المتناحرة، سمعت نظريتين:

1 - نظرية تفكيك البناء الاجتماعي واعادة البناء.

2 - نظربة المراجعة الداخلية الشفافة واطلاق برامج الإصلاح.

بين نظرية التفكيك واعادة البناء

ونظرية المراجعة الداخلية الشفافة والاصلاح، نرى بان نظرية التفكيك للبناء الاجتماعي غير مضمونة المسالك في النتائج وعند اعادة البناء وهناك عدة سؤال عن النماذج او النموذج المطروح لـ اعادة صياغة البناء الاجتماعي الجديد وخدى الاتفاق عليه.

في المجتمعات المتناحرة او شبه المتناحرة، لابد من تسارع الخطى قبل بلوغ مرحلة التفتت والانفلات وهنا تأخذ الطبقة الواعية او المثقفة او مدعية الثقافة قصب المشاركة الفاعلة لخلق تأثير اكثر ايجابية في مجتمعاتها حيثما كانو وبطرق تعزز معالجات البنيوية وترمم مكانة مجتمعاتهم لبلوغ مكانها الحقيقي وتوطد العلاقات البناءة والشفافة فيما بين اطراف المجتمع الواحد وتمد الجسور مع الاخرين. فالواعون هم اشبه بالمساعد الكيميائي catalyst لتسارع التفاعلات الناظمة لحياة ابناء المجتمع وزيادة مساحة النمو بكل جوانبه؛ وهم الاكثر تلمسا للشعور بالمسؤولية الاجتماعية واعادة صياغة هيكل المجتمع صياغة فاعلة ناجزة بتفعيل آليات المحاسبة والمسألة؛ وهم من يُنظر لهم على انهم نماذج يُحتذى بها نحو النجاح والفلاح بين افراد المجتمع؛ وهم من يستطيعون ان يعززوا التواصل الفعال ويمدون الجسور بين مجتمعاتهم والمجتمعات الاخرى محليا وحول العالم. فحس المسؤولية والمحاسبة الشفافة وبناء التكامل وارساء اسس السلامة بكل مظاهرها والسعي نحو التمييز، هواجس يعيشها اهل الوعي من ابناء المجتمع الساعي للنمو. قد يكون او تكون هناك ملفات عديدة ومهمة فشل في ادارتها البعض من اعضاء المجتمع القائم وعلى مدى طويل من الزمن، ولكن هذا لا يجعل المثقف الواعي يتمرد ويصبح معول هدم ضد كامل المجتمع وابناءه بالنقد السلبي والتسقيطي المستمر والدعوة لتشظي او الانشطار.

ايمانا بمقولة ”لا تستقل اعطاء القليل فالحرمان اقل منه“، نسطر مجموعة افكار واضعها بين ايدي القراء ولابناء المجتمع في كافه ارجاء الوطن بهدف التوظيف المفيد والاستنطاق الايجابي من المتغيرات الاقتصادية الاقليمية والعالمية وتسخيرا لـ التقنية في عالم الاتصالات والافكار والتجارب بالتثاقف الايجابي وتفعيل الافكار المفيدة لاستمرار الحيوية والثقة والتفكير الايجابي بين ابناء المجتمع.

تنشيط الثقافة الاجتماعية والاقتصادية:

العمل الجاد والتكاملي بين طبقات المجتمع بمختلف وجاهاتهم واعتباراتهم وكياناتهم ومراكزهم ووظائفهم لخلق بيئة شفافة وصحية ومحتضنه لكل ماينفع علما ومعرفة والتصدي لاي دعوة بالانشطار تحت اي مسمى

الابتعاد عن التضخيم لجهة اجتماعية على جهة اخرى وضرورة فتح باب الانخراط لجميع الطاقات في العمل التوعوي وصياغة الخطاب الاجتماعي.

اطلاق ورش عمل اجتماعية لايجاد حلول مبتكرة للمشاكل الاقت - اجتماعية «الاقتصادية والاجتماعية» والتحصيل التعليمي المميز.

توجيه ابناء المجتمع لـ قطاعات العمل ذات المردود الاقتصادي الموازي للتحصيل العلمي وسد الاحتياجات الاجتماعية المحلية.

وضع صيغ محلية لـ الاهداف mission والرؤى vision والتعامل الكفوء للموارد الاجتماعية المالية والبشرية operational excellence.

توظيف موارد ابناء المجتمع العلمية والمالية والزمانية لبلوغ الاهداف المصرح عنها في الاهداف والمميزة لـ المجتمع.

التأكد والتأكيد وتكرار التذكير ب استحضار زبدة القيم core values التي يؤمن بها ابناء المجتمع وهي الايمان بالله واحترام الرسالة الاسلامية وحفظ الكرامة الانسانية ويبنى عليها تفعيل الخصائص الاخلاقية ك حسن الجوار وحفظ الحقوق والامانة والاحترام المتبادل وحق الوصول لـ التعليم المستمر والحرص على رص الصف والسعي لاحراز الدقة في المواعيد والالتزام بالعقود والوفاء بالعهود والتطوير الدائم لـ الاستراتيجيات لضمان الاستمرار في العيش الكريم والنمو الدائم والسعي الدؤوب لزراعة الشفافية المالية والكرم المنضبط وتجنب الاسفاف والابتعاد عن التنابز بالالقاب والابتعاد عن التباغض والتحاسد والتنافر..... الخ.

فتح باب الحوار الهادف والرصين بين كل ابناء المجتمع الواحد وتجنب الشتم والتسقيط والتحريض والتفسيق والسعي الجاد للخروج من اي حوار او معالجة او ازمة طارئة بنتائج جيدة يتعهد فيها كل الاطراف على غرس المعالجات وتنميتها وانجاحها وإنجازها.

تداول النقاش في مجال صناعة القرارات ذات العلاقة بابناء المجتمع بانجع الطرق والاستفادة من كل الكوادر لاسيما الاكاديمية والعلمية والتعاضد الجاد بين كل الاطراف لخلق استراتيجيات ولانجاح الامور ذات العلاقة المشتركة لادارة الوضع الاجتماعي.

في القرن الواحد والعشرين وفي زمن ثورة الاتصالات اصبح معظم الاشخاص لديهم قنوات متعددة للتعبير عن خلجاتهم وافكارهم وللتواصل الاعلامي والثقافي مع كامل العالم من خلال التطبيقات المختلفة. قد يقع البعض في وهم النرجسية لمجرد معرفته بمصطلح علمي لاتيني او لمجرد معرفته العامة باللغة الانجليزية او لقراءته كتب مؤدلجة او التفافة حول اشخاص يحملون القاب بروفسور او عالم او خبير او زيادة منسوب صدمته الحضارية بما يشاهده عن المجتمعات الاخرى من خلال اعلام موجه، الا انه يستنهض روح الاستعداء والاستفزاز لمجتمعه ويصر على التسفيه لاعضاءه لمجرد اختلافهم في اسلوب المقاربة والمعالجة للوضع القائم. وهذا لعمرك هروب للامام. ونتمنى ان يراجع ذلك البعض اسقاطاته ويصغي باذن الحكمة وعين البصيرة لحوارات وتطلعات واهداف ابناء مجتمعه الصادقين في الزرع النافع والمتطلعين للحصاد الوافر المفيد. فواقع بعض المجتمعات الاليم لا يسمح بان يستمر تقسيم المقسم اكثر مما هو قائم. قد يقول قائل ان مجتمعنا حديث عهد بادراك آليات الحوار المثمر ولذلك تتزايد الانشطارات، ونقول له بهمتك وهمة الصادقين من ابناء المجتمع تلتئم الجراح ويتغلب الناس على الواقع الاليم لينجو جميعا من الغرق في المجهول. وليحدد كلا منا مواقع ابداعاته وتميزه لاستثمارها في البناء، بدل الاستمرار في جلد الذات والتحلطم والتصادم والاستفزاز والمناوشات والمعارك الكرتونية الوهمية. الجميع على يقين ان عدم المساعدة في البناء او الترمبم او المراجعة ستجعل الجميع مع تقادم الوقت بين خيار اعادة التفكيك او استقبال الحلول المفروضة من خارج المنظومة الاجتماعية او موت الانماط الاجتماعية القائمة لتحل محلها مجتمعات اخرى بانماط وتفاهمات أخرى.