آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

غربة بين الأزواج «ذكرى زواج النورين»

كل تلك الألفة والوئام والمساحة المشتركة بينهما من المحبة والاحترام المتبادل، هل يمكن للأيام أن تحدث أثرها وتعريها فتغدو المساحة الخضراء من التفاهم والانسجام صحراء قاحلة من كل شيء إلا الإحساس بالغربة من شريك الحياة؟!

الشعور بالوحدة وقلة الاهتمام أو الإحساس بوجوده من قبل شيرك حياته يعد مرحلة صعبة ويسميها البعض بالموت التدريجي لعلاقتهما الزوجية، والبعض يتبلد شعوره بانحدار مؤشر علاقته الزوجية فلا يلتفت لانحسار كل ألوان الاهتمام والحب إلا بعد فوات الأوان وصعوبة اخضرار ما تصحر من علاقتهما، وعامل فراغ الوقت قاتل إن تجاهل الشريك وجوده فلا يتحمل مثل هذا الجفاء غير المتعمد، ومنع حدوث هذا الفصل المر وخريف العلاقة المتوردة لا يتحقق بالأماني، بل يحتاج إلى خطوات جدية وإعطاء قدر كاف للاهتمام به.

تلك السعادة التي تغمره حينما يتبادل الأحاديث ويتجاذب المؤنس منها قد تطايرت، ولم يبق له سوى هدوء يلف جنبات البيت وشيء من الاستقرار الظاهري، فما عساهما أن يفعلا وعلاقتهما تتجه نحو الأفول والانهيار شيئا فشيئا حتى تصل إلى النهاية المؤلمة، بلا شك أن هناك عوامل هدم يمكنها أن تؤثر سلبا على علاقة الزوجين وعليهما تجنب تعاطيها أو الاقتراب منها، وفي زحمة الحياة والمشاغل هناك ما يقرب الزوجين وينثر بينهما عبير المودة ولكنهما زاحاه وتناسياه، إذ أن العامل المهم في ديمومة السعادة والنجاح هو الاهتمام والرعاية بالشريك الآخر والعمل على إسعاده، ولكن الذي يحصل في بعض الزيجات أن يتجه الروتين والإهمال بهما إلى التخلي عن مفردات المحبة والانسجام واحدا تلو الآخر حتى تتعرى علاقتهما عن الاكتساء بالجاذبية والتشوق، فإذا كان ترك الحديقة المنزلية الجميلة بلا عناية أو ماء يحولها إلى الذبول والصفرة، فكيف بالإهمال وأثره في العلاقة الزوجية؟

بلا شك أن كل زوجين يحبان أن يحتفظا بتلك العلاقة الدافئة والمكتنفة لكل مشاعر الحب والتفاهم، ولا يرغب أحد بأن يرى تلك الفجوة في علاقته بشريك حياته، ويودان ألا يسود القلق والتوتر بينهما فتتجه علاقتهما نحو الخلافات المستمرة لتستقر عند الانفصال العاطفي وتحاشي كل واحد منهما للآخر.

إظهار الإعجاب وإلفات نظر شريك حياته لتقديره وإنشداده لتفانيه ودوره في علاقاتهما الزوجية يجنبهما الفجوة العاطفية، فذلك مما يديم المحبة ويدعو إلى التجاوز عن الهفوات البسيطة والتقصير غير المتعمد.

ومشاغل الحياة واستحقاقات العلاقات المتنوعة تأخذ قسطها من وقتهما ولكن هذا لا يعني انشغالا مستمرا، وإذ وسائل التواصل والحديث المتبادل تكاد أن تكون معدومة، بل لابد من التخطيط للاهتمامات وعلى أولوياته إسعاد شريك حياته وقضاء وقت معه للتفاهم والنقاش حول الأمور المشتركة بينهما، كما لا يستغني أي أحد عن استماع الآخر له وتفهم ظروفه ومعاناته، فيعمل على التخفيف عنه وبلسمة آلامه.

الحب الحقيقي بين الزوجين لا يموت أبدا ولكنه يمر بفترات يعتريه الوهن، فيحتاج إلى انتباه جيد وكسر أي لون روتيني بقضاء أوقات ممتعة خارج البيت لوحدهما، فتبادل الذكريات وتذكير شريك الحياة بأنه جزء مهم ومؤثر في حياته ما بين وقت وآخر يضخ دماء الحيوية والسعادة في قلبيهما.