آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

حياة بلا ندم

ياسين آل خليل

عندما تتمعن في تصرفات البشر من حولك، أول ما يلفت نظرك أنهم أناس أعداءٌ للتغيير، وهذا أمر خطير للغاية. تسأل صاحبا لك عن أمانيه المستقبلية، فتتفاجأ بردة فعل قوية، تعكس مدى انزعاجه وتأثره وكأنك دخلت في تابوهات المحظور من القول، وتجاوزت جميع الخطوط الحمر واتكيت الحوار.

عندما تدخل في حوار أو تساؤل أو استفسار مع أي من الناس بخصوص أمر يتطلب تغييرا، فإنك تُواجه بالكثير من الإجابات السلبية، لكن أقربها ربما يندرج ضمن مفهوم «أود أن أبقى كما أنا عليه في الوقت الحالي ودون تغيير». إجابة كهذه ليست بالغريبة على مسمعك ومسمعي، فالبشر من طبيعتهم أعداء التغيير. من منا اليوم يمتلك الشجاعة ويُوجه سبّابته لذاته ناقدًا؟ من منا ينظر إلى أعماقه ليقول «كفاك يا نفس غرورًا، وسارعي الى التغيير، لأن الوقت لا ينتظر».

لحظات الندم عند الإنسان كثيرة، ولا يتسع المجال للخوض فيها جميعها، خصوصا في هذه العجالة من كتابة هذه المقالة المقتضبة. لكن بربك، كم هي عدد المرات التي حاولت فيها القيام بشيء ما، ولم تفعله؟ كم مرة اتخذت مسارا محددا في حياتك، ولم يُكتب لك النجاح في مسعاك، أو أن النتيجة أتت مخالفة لما كنت تأمله وترجوه؟

أكثر الناس يميلون إلى القول، بأن الندم مصدره الأشياء التي لم يتمكنوا القيام بها، لا الأشياء التي فعلوها. فمن الأشياء المؤرّقة للنفس والتي عادة ما تورث الندم، كون الفرد لم تكن لديه الشجاعة في اختياره لعيش الحياة الحقيقية التي أرادها لنفسه. البعض الآخر يتمنون لو كان لديهم المنظور الحياتي الشامل ومهارات المقارنة، علاوة على مهارة وضع البدائل والخيارات، وفحص الآراء وتحليلها. نعم، لو تحققت تلك الأماني، ربما أتت النتائج مغايرة ومتوافقة مع تطلعاتهم الحالية.

سؤال جوهري يُطرح من قبل الكثيرين، هل هناك حياة بلا ندم؟ أو أن هذا الطرح هو أشبه بمن يبحث عن الماء وسط البيداء. لكن أليست المشاعر المختلطة، هي ما يجعلنا أقرب لإنسانيتنا؟ أليست هي ما تجعلنا عقلانيين حقًا. الندم يساعدنا في الوصول إلى معرفة ذواتنا وعدم التنكر للآخرين بأن حياتنا تحت السيطرة، وأنها تمشي حسب خطط مرسومة ومدروسة.

جدلية الإنكار أو الإعتراف بوجود الندم، لا تُغيّر حقيقة الحال. بدلاً من إنكار الندم، ينبغي لنا أن نتقبل التناقض. يجب أن نسعى جاهدين لتحقيق المُثُل الحياتية العليا، وأن نتصرف بحكمة ودراية ورضا، كما لو كان من الممكن أن نعيش حياة بلا ندم.