آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

عاشوراء الإمام الحسين مثال للإيثار

عبد الرزاق الكوي

قال رسول الله صلى الله عليه واله: ﴿من آثر على نفسه آثره الله يوم القيامة بالجنة ومن أحب شيئا فجعله لله، قال الله تعالى يوم القيامة: قد كان العباد يكافئون فيما بينهم بالمعروف، وأنا اكافئك اليوم الجنة.

من أعظم الفضائل التي ربى الإسلام اتباعه عليها، فضيلة الإيثار وحب الخير، والعطاء وصفات الإيثار والعطاء صفة من صفات الله عزوجل، هي من أجل وأعظم الصفات الحميدة ومن السجايا الفاضلة، واخلاق أهل العفة والرقي، فالإيثار والعطاء خلقان كريمان ومن أسمى المراتب، التي رغبت وحثت عليها مختلف الديانات والثقافات والمحافل الإنسانية، فالإيثار بمختلف أساليبه، سواء، المال او الوقت، او الجهد، او الواجهه، كلها تخلق جو من التكافل والتحابب بين أفراد المجتمع والأجر الوفير لمن يقدم ويؤثر نفسه على الآخرين.

فهي نتاج تربية روحية عالية ودرجة عليا من تهذيب النفس نبتت صفات جميلة من صفات الاتقياء ودليل على كمال الدين، والى درجة من السمو والعلو، والإيمان الصادق واليقين الثابت وحسن الظن بالله جل وعلا بأن كل مايملك من الله تعالى وبركته عطاءه للآخرين، والأمل بالتعويض الإلهي والتقرب من الله جل وعلا وتكسبهم المحبة والرفعة. وهي نعمة من نعم الله جل وعلا على عبد من عبيده، أن يصل إلى هذه الدرجة من الكمال.

قال الله تعالى:

﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.

فالإيثار عبادة فاضلة من العبادات تصل لفاعلها للمحبة والإجلال وان تكون لحياتنا معنى رضا في النفس وراحة للضمير وسعادة للقلب ونكران للذات والبعد عن الأنانية وتفاني في عمل جليل في الدنيا والفلاح والمنزلة الرفيعة في الآخرة،

فالإيثار في حياتنا يتمثل بأبسط الأمور مثل علاقاتنا اليومية في البيت مثل إيثار الوالدين لأبناءهم وإيثار الابناء والديهم عرفانا منهم بمكانتهم، وإيثار الاخوان والأخوات بعضهم، والإيثار في الطرق، ان تتعامل برقي وتؤثر الآخرين بالمرور أو الدخول والخروج، بدل مانلاحظه في حياتنا من توتر وصراعات وانت تستخدم هذه الطرق، كأنك داخل معركة والكل متوتر، بعكس اذا تعاملنا في شوارعنا بحضارية ومعاملة سلسه، تشعر فيها براحة في النفس ورضا لمن حولك.

نرى الإيثار عند دخول رجل تقدم بع العمر ويتسابق الجالسون للقيام ليجلس مكانهم، بدل التسابق في دخول وخروج المجالس ان نتعامل برقي لا من يخرج اولا، هناك كبار في السن ومعاقين هم بحاجة لان نؤثرهم على أنفسنا، الإيثار بين الجيران فالرسول أوصى بهم خيرا، حتى نرتقي إلى مستويات ارقى في مجال ثقافة ومفهوم الإيثار، كان للسنة النبوية الآثر البالغ في تدعيم وترسيخ مبدأ الإيثار في التعامل وبناء علاقات اجتماعية تنشر الود بين أفراد المجتمع.

قال الإمام علي : ﴿الإيثار شيمة الأبرار.

وعظمة الإيثار نشاهده من رجال اعمال وأصحاب المليارات من دول غربية عرفوا قيمة العطاء وما يجلبه من سكينة في قلوبهم: فتبرعوا بنصف ثروتهم للأعمال الخيرية. وكثير من الأطباء وهبوا أنفسهم وتركوا حياتهم المرفهة من اجل خدمة الفقراء في شتى بقاع العالم وفي ظروف صعبة من حروب وأمراض معدية.

قال الرسول الأكرم صلى الله عليه واله: ﴿من مشى في عون أخيه ومنفعته فله ثواب المجاهدين في سبيل الله.

فالأخيار وأصحاب القلوب الطيبة من يؤثرون مجتمعاتهم بوقتهم وهو أثمن ماعنده فبعد عمل مضني في عمله الرسمي نراه باذلاً من وقته لخدمة الجمعيات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية والرياضية والثقافية والدينية بدون مقابل عرفاناً منه بواجبه ونيل الأجر والثواب من خالقه. فكم قدموا هؤلاء من وقت وجهد وفكر لا يريدون منه اجرا ولا شكورا إنما يخدمون لوجه الله تعالى.

قال الإمام الباقر : ﴿ما شبع رسول الله ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الحياة، ولو شاء لشبع، ولكنه كان يؤثر على نفسه.

ونشاهد عظمة الإيثار في مبيت الإمام علي في فراش النبي صلى الله عليه واله، ونرى إيثار الانصار اخوانهم المهاجرين.

قال الإمام علي : ﴿ااقنع من نفسي أن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم مكاره الدهر.

كان نموذجا متكاملا في الإيثار من اجل الدين والنبي الأكرم باذلاً نفسه الزكية في الحروب من اجل المحافظة على الإسلام مهما كان الثمن غاليا، فالخلود والمجد في حياة النبي صلى الله عليه واله والأئمة ، قدموا اروع الأمثلة فقد كانوا يؤثرون على أنفسهم بقوتهم ولباسهم وسكنهم والشواهد كثيرة ومعروفة لم تأتي بدون ثمن كرسوا مبدأ الإيثار في جميع أمور حياتهم، فهذا الإمام الحسين وأصحابه يقدمون المثل العليا للإيثار، حيث قال عنهم الإمام الصادق ﴿طبتم وطابت الأرض التي فيها دفنتم.

قمت الإيثار متمثل في الطف، أصحاب الإمام يسابقون الطالبيين والطالبين يسابقون الانصار في اجل وأسمى مواقف الإيثار مستبشرين بالشهادة إيثار لسيدهم وإمام الحق.

فهذا الطالبيين يعلنون:

﴿نفديك أنفسنا وأموالنا وأهلونا، ونقاتل معك حتى نرد موردك لا أبقانا الله تعالى العيش بعدك.

وكذلك قال جميع اصحاب الامام الحسين رضوان الله عليهم. ذكروا في زيارة عاشوراء:

﴿الذين بدلوا مهجهم دون الحسين.

يجود بالنفس إذا ظن الجواد بها والجود بالنفس أقصى غاية الجود

قال الامام زين العابدين :

﴿رحم الله عمي العباس، فقد آثر وأبلى وفدى أخاه بنفسه.

يانفس من بعد الحسين هوني من بعده لا كنت أن تكوني

قال الامام علي :

﴿الإيثار أعلى الإيمان.

وتمثل قمة الإيثار وعظمة الإيمان وصدق اليقين في أبي عبد الله الحسين وهو يقدم نفسه الزكية، معلنا.

﴿ان كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي ياسيوف خذيني.

قدم صورة خالدة على مدى الدهر عالقة في الأذهان، نبراسا وسلوكا يقتدى.

لنقتدي بالحسين وهو المقدم نفسه الزكية ونقدم الخير والعمل الطيب ومبدأ الإيثار أن نبتعد بها عن الأنانية وحب الذات، ونسمو بها لاعلى المراتب وهي خصلة الإيثار. ان ننشر ثقافة الإيثار في مجتمعنا فنتربى عليها كما كان قدوتنا الرسول صلى الله عليه واله والأئمة وصولا إلى كربلاء مدرسة الإيثار الخالدة، ونربي الأجيال على العمل بها لتكون واقع معاش في زمن كثرة فيه الماديات والأنانية وحب النفس.

لنكون من القليلين الذين يجهدون فيبذلون ماعندهم لمرضاة الله جل وعلا، رغم ما هم عليه من خصاصة وقلة ما في اليد، واحتياج.