مأتمٌ حسيني قطيفي من العهد العثماني.. تعرّف عليه
بين سككٍ ضيقة في أحد أحياء القطيف القديمة والتي اشتهرت بسوقٍ خاص بها وهو حي مياس، تجد مأتم حسيني بالغ القدم بُني من أعشاش النخيل حتى وصل إلى ما عليه الآن ويحمل اسمُ الحي.
وبحسب ما ذكره الباحثون التاريخيون للحي أن مأتمهم يعود للعهد العثماني قبل قيام الدولة السعودية الحديثة ولا يزال قائماً حتى الآن.
ويلقى المأتم اهتمام خاص من أعلام المنطقة، ومما يذكر أن الشيخ حسين بن الشيخ فرج العمران، يخصص ليلة من ليالي رمضان سنويا لزيارة الحسينية منذ سنوات عديدة.
يذكر المهتم بالتاريخ الدكتور أحمد بزرون أنه لا يوجد وثيقة تحدد تاريخ تأسيس الحسينية بالدقة أو من هو المؤسس، ولكن تاريخ بعض الموقوفات التابعة للحسينية يرجع إلى أكثر من 250 سنة، أي في أيام الحكم العثماني، مما يدل على أن المأتم كان موجود حينها ولذلك أوقفت تلك الوقوفات تبعاً له. ومن تلك الموقوفات بعض الكتب المخطوطة التي يعود بعضها لعام 1187 هجرية.
ويضيف أنه لا يوجد تاريخ مؤكد لعمر مساجد حي مياس إلا من خلال وثائق تشير إلى أوقاف تابعة لها من أكثر من 250 سنة وقد نشرت صحيفة جهينة خبرا عنها سابقاً.
https://jehat.net/?act=artc&id=49915
تم تجديد البناء عدة مرات خلال تلك الفترة الزمنية الطويلة.
وقيل أن بدايات البناء كانت عن أعشاش من النخيل ثم تمت إضافة مساحة جديدة وبنيت بالطريقة الشعبية المتعارف عليها حينها «البناء العربي» من الطين والحجارة، وجذوع وسعف النخيل، وكانت الفوانيس تستخدم للإضاءة حينها.
ثم تطور البناء تدريجيا، فأصبح هنالك سقف من الخشب يستند على خمسة أعمدة، وأصبحت هنالك أقواس وروازن وشبابيك خشبية وعلقت في سقفها مصابيح ثم نوافذ زجاجية.
تم تجديدها وصيانتها أكثر من مرة ربما آخرها قبل حوالي 30 عام وبقيت الروازن على وضعها، وبقيت بعض الدولايب الخشبية الداخلية في بعض الروازن.
توالى على قيمومة المأتم عدد من أهالي القطيف ومنهم المرحوم الحاج رضي العلقم وابنيه عبدالله وأحمد - رحمهما الله -، المرحوم الحاج جاسم الغريافي وابنه الحاج حسن - رحمه الله -، والحاج حبيب القصاب - رحمه الله -، إلى أن وصلت إلى القائمين على الوقف حالياً وهما الحاج يحيى الحمالي والحاج جعفر الطراح.
وكانوا أولياء الوقف يستعينون بمن يقوم برعاية شؤون المأتم وممن خدم في المأتم المرحوم الحاج علي الحمالي رحمه الله، والمرحوم الحاج مهدي الأسود رحمه الله، والحاج رضا آل قيصوم والحاج عبدالباقي آل بزرون.
ارتبط اسم المأتم في موسم عاشوراء بالمرحوم الشيخ عبدالرسول البصاره والذي قرأ مجالس عاشوراء لمدة زادت عن ثلاثة عقود، وكان له حضور مميز، حيث حي مياس وسوق مياس يغص بالحضور في ليالي عاشوراء، واستمر في الخطابة في المأتم إلى أن توفاه الله.
وتتميز الحسينية بمجالس العادة اليومية حيث يعقد كل يوم وعلى مدار العام مجلس حسيني في الصباح مع شروق شمس كل يوم، ومجلس مسائي بعد صلاة المغرب، ولذلك فقد ارتقى منبر المأتم عدد كبير جداً من الخطباء.
ومن قراء كتب السيرة الحسينية وأساتذة القرآن في الحسينية المرحوم الملا علي دعبل والذي تميز بأنه معلم وناسخ وتوجد الكثير من المخطوطات الموقوفة للمأتم مكتوبة بخط يده، وتلاه في قراءة السيرة وتعليم القرآن تلميذاه المرحوم السيد علوي القصاب «أبو سيد شبر»، والحاج رضا آل قيصوم وهو قارىء السيرة حالياً في المأتم.
تتميز الحسينية بالمجالس الرمضانية والتي تتالى عليها العديد من الخطباء من أبرزهم المرحوم الشيخ علي المرهون، والسيد هاشم الخباز، السيد منير الخباز، والشيخ عادل الأسود.
فضلاً عن احياء مناسبات مواليد ووفيات المعصومين وأيام عاشوراء والتي شارك فيها الكثير من الخطباء منهم على سبيل المثال الشيخ محمد آل نمر الملا أحمد بن رمل، الملا سليم الجارودي، الملا مكي الجارودي، الشيخ سعيد أبو المكارم، الشيخ محمد صالح البريكي والشيخ ميرزا حسين البريكي، الملا إبراهيم حمّار، الملا سلمان الكسار، الملا حبيب المقابي، الملا منصور المقابي «أبو فايز»، الشيخ منصور المرهون وأبنائه الشيخ علي المرهون، والشيخ عبدالحميد المرهون، والشيخ محمد حسن المرهون، الشيخ صادق المرهون، والشيخ سعيد المرهون، والشيخ عبدالعظيم المرهون، والملا حسين الباقر، والملا عبدالرسول البصاره، والشيخ حسن الصفار، والملا حسين الفضل «أبو شريف»، والسيد منير الخباز، والسيد ضياء الخباز والكثير من الخطباء المعاصرين لا مجال لحصرهم.
واستضافت الحسينية بعض الخطباء من العراق كالملا إبراهيم والذي كان يلقب بالمحمّري نسبة للمحمرة في العراق وكان له حضور جماهيري لافت حينها، وكذلك استضاف المأتم السيد الشامي في بعض المناسبات، والسيد الشخص من العراق ومن أصل أحسائي.
ومن الأحداث التاريخية المميزة التي حدثت في هذه الحسينية القصة المشهورة التي ذكرها الشيخ عبدالحميد المرهون حفظه الله في إحدى مجالس الأربعين عن والده الشيخ منصور المرهون.
وقال فيها: تخليداً لذكرى الشاعر المقدس الشيخ منصور المرهون، الذي أنشد هذه الأبيات «زينب من الشام اليوم جت كربلا... والراس عند السجاد في محمله» أنشد هذه الأبيات في الطريق، حيث كان أهل في القطيف لا يعتنون بيوم الأربعين، ولا يغلقون الأسواق ولم يكن الاهتمام مثل الآن، وقرأ الشيخ منصور مجلسه في حسينية مياس ونادى الناس إلى التعطيل والإحترام إلى الحسين وأنه يوم الأربعين يوم عظيم، وكان عنده مجلس آخر بعده في القلعة في حسينية الجشي، فقال للحضور «نبغى نطلع بالعزاء من هالحسينية لحسينية الجشي، وطلع بهم وهو ينشد هذه القصيدة عزاء من حسينية مياس لحسينية الجشي» في موكب عزاء ماشياً.
ومن الأحداث الأخرى الهامة هو الإعلان عن تأسيس جمعية القطيف الخيرية وهو ما نقله الشيخ حسن الصفار في كلمة ألقاها في حفل تأبين «رجل السماحة» الشيخ علي المرهون - رحمه الله - حيث ذكر من ضمن ما قام به الشيخ المرهون على صعيد دعم الخدمات لمجتمع القطيف هو تبنيه فكرة تأسيس جمعية القطيف الخيرية، والتي كان تأسيسها في حي الدبابية عام 1383 هجرية وكان اسمها حينها صندوق البر الخيري بالدبابية أو جمعية الدبابية، فاختار الشيخ علي المرهون حسينية مياس ليعلن فيها عن تأسيس تلك الجمعية.
كرمت رابطة المنبر الحسيني بالقطيف والدمام في عام 1435 هجرية مأتم مياس وو اختارته كأفضل مأتم، وقد نشرت صحيفة جهينة خبراً عنه.
https://www.jehat.net/index.php?act=artc&id=11958
مما سبق نشره من أخبار توثيقية حول مخطوطات الحسينية وفيها أسماء وتواريخ.
https://jehat.net/?act=artc&id=45445
فيديو..
" width="760">