آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:09 م

إدارتك لحديثك الداخلي

ياسين آل خليل

ليس منا من لا يمارس الحديث الداخلي مع ذاته. لكن كيف تصف ذلك الحديث الذي يجري بداخلك والذي قد يستغرق دقائق بعض الأحيان، وساعات متواصلة أحيانا أخرى؟ هل هو ذلك الحديث الذي ينتهي بك إلى راحة نفسية ورضًا ذاتي، ويدفعك دائمًا الى الأمام؟ أو أن ما يدور داخلك من حوار هو في حد ذاته حوارٌ سلبي مثبّطٌ للهمم، متلفٌ للأعصاب، وعادة ما ينتهي بتوترك وكرهك للحياة قاطبة وما فيها؟

عندما يكون الحديث الداخلي فارغ من المحتوى النقدي الهادف، الذي يستفز الفضول ومعرفة المجهول، فمن الطبيعي أن يؤدي إلى نتائج عكسية غير تلك التي تسعى من أجلها. إدارتك لحديثك الداخلي يساعدك على تحسين نظرتك للحياة، علاوة على فوائد جمة من بينها تحسين الرفاه وجودة الحياة التي ترغب في الحصول عليها. لكن كيف لك أن تتحكم في حديثك الداخلي؟ كل شيء يبدو صعبا ومعقدًا في بدايته، لكن مع مرور الوقت، معظم العقد تجد طريقها لحلحلة ذاتها بذاتها، حيث أنها تأخذ انعطافة تلقائية نحو التغيير الإيجابي شيئا فشيئا.

لكل منا قصته التي يرويها أو يكتبها بمفرداته التي جمعها عبر مرور الأيام والسنين. أنت عندما تخبر نفسك بأنك لست أهلًا لتلك الوظيفه أو المنصب، فإنك وإن حلمت بتحقيق ذلك الهدف، الأكثر احتمالا أنك لن تقترب من تحقيق أمنيتك تلك. وإن دار بخلدك يومًا أن بنت جيرانكم في الحي ستكون شريكة حياتك في المستقبل، فهذا يعتمد على نوعية تلك الحوارات والأفكار التي تدور بداخلك، وقوتها ومدى تأثيرها على وعيك، وقوة اندفاعك نحو تحقيق هدفك هذا.

اقترانك بتلك الفتاة أمر قابل للتحقق، إذا لم تتمكن الأفكار السلبية من التسلل إلى موطن القرار لديك ووضع الف سبب وسبب بأن الإقتران بتلك الفتاة، هو كمن يحاول اصطياد سمكة في البحر دون توفر أدوات الصيد لديه. الحوار الذي يدور بداخلك، على إيجابيته حينا وسلبيته أحيانا أخرى، قد يكون هو المحفز والمثبط في نفس الوقت. فهل يا ترى بإمكانك الحصول على تلك الفتاة مع وجود حوار داخلي لا يدعم رؤيتك، ولا يأتيك بخيارات بديلة.

ما يدور في داخلك من حديث، إما أن يقودك لاتخاذ إجراء يصب في النهاية لصالحك، أو أنه يقودك ويرغمك على التسمر في مكانك مسلوب الإرادة، غير قادر على تحريك شيئ. حتى تتمكن من خلق واقع حياتي مفعم بالحيوية والنشاط، أنت لست مدعوا لتغيير حديثك الداخلي رأسًا على عقب. كل ما تحتاجه، هو أن تتركه يأخذ مجراه الطبيعي، لكن تحت مراقبة وإدارة دقيقة منك، مع مراعاة لما ينتج عن ذلك الحديث من مشاعر وأفكار قد تنسجم مع توجهاتك أو تتباعد.

خلاصة القول، حديثك الداخلي له تأثير كبير على معظم مجريات تصرفاتك ومشاعرك. اتباعك إلى نهج استباقي مدروس، والطريقة التي يدور فيها حديثك الداخلي، يجعلك تحافظ على حالتك العاطفية والنفسية، ومنها بناء ذلك العالم المصغر الخاص بك والذي تتوفر فيه جميع عوامل وشروط الحياة التي تبعث على الراحة والاسترخاء والنمو والعيش الكريم.